باب فى سقطات العلماء
  قال نصيب: ما هجت أسلم غفارا قطّ. فوجم الكميت.
  وسئل الكسائىّ فى مجلس يونس عن أولق: ما مثاله من الفعل؟ فقال: أفعل.
  فقال له يونس: استحييت لك يا شيخ! والظاهر عندنا من أمر أولق أنه فوعل من قولهم: ألق الرجل، فهو مألوق؛ أنشد أبو زيد:
  تراقب عيناها القطيع كأنما ... يخالطها من مسّه مسّ أولق(١)
  وقد يجوز أن يكون: أفعل من ولق يلق إذا خفّ وأسرع؛ قال:
  * جاءت به عنس من الشأم تلق*
  أى تخفّ وتسرع. وهم يصفون الناقة - لسرعتها - بالحدّة والجنون؛ قال القطامىّ:
  يتبعن سامية العينين تحسبها ... مجنونة أو ترى ما لا ترى الإبل
  والأولق: الحنون. ويجوز أيضا أن يكون فوعلا من ولق هذه. وأصلها - على هذا - وولق. فلمّا التقت الواوان فى أوّل الكلمة همزوا الأولى منهما، على العبرة فى ذلك.
  وسئل الكسائىّ أيضا فى مجلس يونس عن قولهم: لأضربنّ أيّهم يقوم، لم لا يقال: لأضربن أيهم. فقال: أىّ هكذا خلقت.
  ومن ذلك إنشاد الأصمعىّ لشعبة بن الحجّاج قول فروة بن مسيك المرادىّ:
  فما جبنوا أنى أشدّ عليهم ... ولكن رأوا نارا تحسّ وتسفع(٢)
  فقال شعبة: ما هكذا أنشدنا سماك بن حرب. إنما أنشدنا: (تحشّ) بالشين معجمة. قال الأصمعىّ: فقلت: تحسّ: تقتل، من قول الله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ}[آل عمران: ١٥٢] أى تقتلونهم، وتحشّ: توقد. فقال لى شعبة: لو
(١) البيت من الطويل وهو بلا نسبة فى لسان العرب (ولق)، وجمهرة اللغة ص ١٠٩. القطيع: السّوط يقطع من جلد سير ويعمل منه؛ أو المقطوع من الشجر اللسان (قطع).
(٢) البيت من الطويل، وهو لأوس بن حجر فى ديوانه ص ٥٧، ولسان العرب (سدر)، (حسس)، وكتاب الجيم ١/ ٢٠٤، وتهذيب اللغة ٣/ ٤٠٦، وتاج العروس (سدر)، وبلا نسبة فى مقاييس اللغة ٢/ ١١، ومجمل اللغة ٢/ ١١، ١٢، ١٣.