باب فى سقطات العلماء
  بحضرة سعيد:
  واحدة أعضلكم شأنها ... فكيف لو قمت على أربع!(١)
  قال: ونهض الأصمعىّ فدار على أربع، يلبس بذلك على أبى توبة. فأجابه أبو توبة بما يشاكل فعل الأصمعىّ، فضحك سعيد، وقال (لأبى توبة): ألم أنهك عن مجاراته فى المعانى، هذه صناعته.
  وروى أبو زيد: ما يعوز له شيء إلا أخذه، فأنكرها الأصمعىّ، وقال: إنما هو (يعور) - بالراء - وهو كما قال الأصمعىّ.
  وقال الأثرم علىّ بن المغيرة: مثقل استعان بدفّيه، ويعقوب بن السكّيت حاضر.
  فقال يعقوب: هذا تصحيف؛ إنما هو: مثقل استعان بذقنه. فقال الأثرم: إنه يريد الرئاسة بسرعة، ودخل بيته. هذا فى حديث لهما.
  وقال أبو الحسن لأبى حاتم: ما صنعت فى كتاب المذكّر والمؤنّث؟ قال: قلت: قد صنعت فيه شيئا. قال: فما تقول فى الفردوس؟ قال: ذكر. قال: فإن الله ø يقول: {الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ}[المؤمنون: ١١] قال: قلت: ذهب إلى الجنّة، فأنّث. قال أبو حاتم: فقال لى التوزى: يا عاقل! أما سمعت قول الناس: أسألك الفردوس الأعلى، (فقلت يا نائم: الأعلى هنا) أفعل لا فعلى! قال أبو الفتح: لا وجه لذكره هنا؛ لأن الأعلى لا يكون أبدا فعلى.
  أبو عثمان قال: قال لى أبو عبيدة: ما أكذب النحويين! يقولون: إن هاء التأنيث لا تدخل على ألف التأنيث، وسمعت رؤبة ينشد:
  * فكرّ فى علقى وفى مكور(٢) *
(١) البيت من السريع، وهو لذى الإصبع العدوانى فى ديوانه ص ٦٥، وكتاب العين ١/ ٢٧٨، وبلا نسبة فى لسان العرب (عفل)، ومقاييس اللغة ٤/ ١٣٥، وأساس البلاغة (دور)، (عضل)، وتاج العروس (عضل).
(٢) البيت من الرجز للعجاج فى ديوانه ١/ ٣٦٢، ولسان العرب (أخر)، (مكر)، (علق)، وإصلاح المنطق ص ٣٦٥، وجمهرة اللغة ص ٧٩٩، ٩٤٠، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٣٦، وشرح شواهد الشافية ص ٤١٧، والكتاب ٣/ ٢١٢، وتاج العروس (مكر)، (علق)، وديوان الأدب ٢/ ٥، وتهذيب اللغة ١٠/ ٢٤١، ولرؤبة فى المخصص ١٥/ ١٨١، ١٦/ ٨٨، وليس فى ديوانه، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٥٥٨، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٢٨.