الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب ذكر علل العربية أكلامية هى أم فقهية؟

صفحة 110 - الجزء 1

  وتتجاوز أعدل الأصول ... وهو الثلاثيّ - إليها، مسّها بقرباها منها قلّة التصرف فيها؛ غير أنها فى ذلك أحسن حالا من ذوات الخمسة؛ لأنها أدنى إلى الثلاثة منها. فكان التصرّف فيها دون تصرف الثلاثى، وفوق تصرف الخماسىّ. ثم إنهم لما أمسّوا الرباعىّ طرفا صالحا من إهمال أصوله، وإعدام حال التمكن فى تصرفه، تخطوا بذلك إلى إهمال بعض الثلاثيّ، لا من أجل جفاء تركّبه بتقاربه؛ نحو سص، وصس؛ ولكن من قبل أنهم حذوه على الرباعىّ؛ كما حذوا الرباعىّ على الخماسى، ألا ترى أن لجع لم يترك استعماله لثقله من حيث كانت اللام أخت الراء والنون، وقد قالوا نجع فيه، ورجع عنه، واللام أخت الحرفين، وقد أهملت فى باب اللجع؛ فدل على أن ذلك ليس للاستثقال، وثبت أنه لما ذكرناه من إخلالهم ببعض أصول الثلاثى؛ لئلا يخلو هذا الأصل من ضرب من الإجماد⁣(⁣١) له، مع شياعه واطّراده فى الأصلين اللذين فوقه؛ كما أنهم لم يخلوا ذوات الخمسة من بعض التصرف فيها، وذلك ما استعملوه من تحقيرها، وتكسيرها، وترخيمها؛ نحو قولك فى تحقير سفرجل: سفيرج، وفى تكسيره: سفارج، وفى ترخيمه - علما - يا سفرج أقبل، وكما أنهم لما أعربوا المضارع لشبهه باسم الفاعل تخطّوا ذاك أيضا إلى أن شبّهوا الماضى بالمضارع، فبنوه على الحركة؛ لتكون له مزيّة على ما لا نسبة بينه وبين المضارع، أعنى مثال أمر المواجه. فاسم الفاعل فى هذه القضية كالخماسىّ، والمضارع كالرباعىّ، والماضى كالثلاثى. وكذلك أيضا الحرف فى استحقاقه البناء كالخماسى فى استكراههم إيّاه، والمضمر فى إلحاقهم إياه ببنائه، كالرباعىّ فى إقلالهم تصرّفه، والمنادى المفرد المعرفة فى إلحاقه فى البناء بالمضمر كالثلاثىّ فى منع بعضه التصرف، وإهماله البتّة، ولهذا التنزيل نظائر كثيرة. فأمّا قوله:

  * مال إلى أرطاء حقف فالطجع⁣(⁣٢) *


(١) أى جعله جامدا غير متصرف.

(٢) عجز البيت من الرجز لمنظور بن حبة الأسدىّ فى شرح التصريح ٢/ ٣٦٧، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٨٤، وبلا نسبة فى التنبيه والإيضاح ٢/ ٢٣٤، والمخصص ٨/ ٢٤، وتاج العروس (أبز)، (أرط)، (ضجع)، والأشباه والنظائر ٢/ ٣٤٠، وإصلاح المنطق ص ٩٥، وأوضح المسالك ٤/ ٣٧١، وسر صناعة الإعراب ١/ ٣٢١، وشرح الأشمونى ٣/ ٨٢١، وشرح شافية ابن =