الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى جواز القياس على ما يقل

صفحة 155 - الجزء 1

  قياس، فقولهم فى ثقيف: ثقفىّ، وفى قريش: قرشىّ، وفى سليم: سلمىّ. فهذا وإن كان أكثر من شنئىّ فإنه عند سيبويه ضعيف فى القياس. فلا يجيز على هذا فى سعيد سعدىّ، ولا فى كريم كرمىّ.

  فقد برد فى اليد من هذا الموضع قانون يحمل عليه، ويردّ غيره إليه. وإنما أذكر من هذا ونحوه رسوما لتقتدى، وأفرض منه آثارا لتقتفى، ولو التزمت الاستكثار منه لطال الكتاب به، وأملّ قارئه.

  واعلم أن من قال فى حلوبة: حلبىّ قياسا على قولك فى حنيفة: حنفىّ، فإنه لا يجيز فى النسب إلى حرورة حررىّ، ولا فى صرورة⁣(⁣١) صررىّ، ولا فى قوولة قولىّ. وذلك أن فعولة فى هذا محمولة الحكم على فعيلة، وأنت لا تقول فى الإضافة إلى فعيلة إذا كانت مضعّفة أو معتلّة العين إلا بالتصحيح؛ نحو قولهم فى شديد: شديدى، وفى طويلة: طويلى؛ استثقالا لقولك: شددىّ، وطولىّ. فإذا كانت فعولة محمولة على فعيلة، وفعيلة لا تقول فيها مع التضعيف واعتلال العين إلا بالإتمام، فما كان محمولا عليها أولى بأن يصحّ ولا يعلّ. ومن قال فى شنوءة: شنئى فأعلّ، فإنه لا يقول فى نحو جرادة وسعادة إلا بالإتمام: جرادىّ وسعادىّ.

  وذلك لبعد الألف عن الياء [و] لما فيها من الخفّة. ولو جاز أن يقول فى نحو جرادة: جردى، لم يجز ذلك فى نحو حمامة وعجاجة: حممىّ ولا عججىّ؛ استكراها للتضعيف، إلا أن يأنس بإظهار تضعيف فعل، ولا فى نحو سيابة وحوالة: سيبىّ ولا حولىّ؛ استكراها لحركة المعتلّ فى هذا الموضع. وعلّة ذلك ثابتة فى التصريف، فغنينا عن ذكرها الآن.

  * * *


(١) الصرورة: الذى لا يأتى النساء.