الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

جهود ابن جنى فى الكشف عن الدلالة الفنية للأصوات

صفحة 23 - الجزء 1

  ازدادت العبارة شبها بالمعنى كانت أدل عليه، بالغرض فيه. فلما كانت إذا فاجأت الأفعال فاجأت أصول المثل الدالة عليها أو ما جرى مجرى أصولها، نحو وهب ومنح، وأكرم، وأحسن، كذلك إذا أخبرت بأنك سعيت فيها وتسببت لها، وجب أن تقدم أمام حروفها الأصول فى مثلها الدالة عليها أحرفا زائدة على تلك الأصول تكون كالمقدمة لها، والمؤدية إليها وذلك نحو استفعل، فجاءت الهمزة والسين والتاء زوائد، ثم وردت بعدها الأصول: الفاء والعين واللام، فهذا من اللفظ وفق المعنى المقصود هناك، وذلك أن الطلب للفعل والتماسه والسعى فيه والتأنى لوقوعه تقدمه، ثم وقعت الإجابة إليه، فتبع الفعل السؤال فيه والتسبب لوقوعه، فكما تبعت أفعال الإجابة أفعال الطلب، كذلك تبعت حروف الأصل الحروف الزائدة التى وضعت للالتماس والمسألة، وذلك نحو: استخرج، واستوهب، واستمنح، واستعطى، واستدنى»⁣(⁣١).

  فى هذا النص يقارن ابن جنى بين الصيغ المجردة (الأصول) والصيغ المزيدة فى دلالتها على معانيها. فالصيغ المجردة وهى ما سماها بالأصول هى نحو: طعم، ووهب، ودخل، وخرج ... إلخ.

  أما الصيغ المزيدة فيجعلها نوعين:

  - مزيد جرى مجرى الأصول: نحو: أحسن، وأكرم، فهذا يجرى مجرى الأصول فى مشابهته الرباعى المجيء على (فعلل).

  - ومزيد زاد على الأصول، مثّل له بما زاد على الأصول بأحرف متقدمة على الأصول (كاستفعل).

  ثم يلمح ابن جنى المشابهة والمناسبة بين كل من هذه البنى وما تدل عليه من المعانى؛ فالأفعال المجردة إنما تدل على المفاجأة للسمع بالإخبار عن الحدث دون تمهيد بأحرف تسبقه، فهى إخبار بأصول فاجأت عن أفعال وقعت، ولم يكن معها دلالة تدل على طلب ولا إعمال فيها.

  وذلك نحو طعم ووهب وخرج ودخل، وكذلك ما تقدمت الزيادة على سمت الأصل، وهو ما جرى مجرى الأصول الرباعية على (فعلل) فجعل ما جاء على وزن (أفعل) كأحسن، وأكرم جاريا مجرى الأصول الرباعية على (فعلل) فى نحو دحرج


(١) الخصائص (٢/ ١٥٣ / ١٥٤).