الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى أن العرب قد أرادت من العلل والأغراض

صفحة 256 - الجزء 1

  والخبر المشهور فى هذا للنابغة وقد عيب عليه قوله فى الداليّة المجرورة:

  * وبذاك خبّرنا الغراب الأسود⁣(⁣١) *

  فلمّا لم يفهمه أتى بمغنّية فغنّته:

  * من آل ميّة رائح أو مغتد ... عجلان ذا زاد وغير مزوّد⁣(⁣٢)

  ومدّت الوصل وأشبعته، ثم قالت:

  * وبذاك خبّرنا الغراب الأسود⁣(⁣٣) *

  ومطلت واو الوصل، فلمّا أحسّه عرفه واعتذر منه وغيّره - فيما يقال - إلى قوله:

  * وبذاك تنعاب الغراب الأسود⁣(⁣٤) *

  وقال؛ دخلت يثرب وفى شعرى صنعة، ثم خرجت منها وأنا أشعر العرب.

  كذا الرواية. وأمّا أبو الحسن فكان يرى ويعتقد أن العرب لا تستنكر الإقواء.

  ويقول: قلّت قصيدة إلا وفيها الإقواء. ويعتلّ لذلك بأن يقول: إن كل بيت منها شعر قائم برأسه. وهذا الاعتلال منه يضعف ويقبّح التضمين فى الشعر.

  وأنشدنا أبو عبد الله الشجرىّ يوما لنفسه شعرا مرفوعا، وهو قوله:

  نظرت بسنجار كنظرة ذى هوى ... رأى وطنا فانهلّ بالماء غالبه

  لأونس من أبناء سعد ظعائنا ... يزنّ الذى من نحوهن مناسبه⁣(⁣٥)


(١) عجز البيت للنابغة فى ديوانه ص ٨٩، والأغانى ١١/ ٨، وجواهر الأدب ص ٢٨٨، والدرر ٢/ ٢٠، والشعر والشعراء ١/ ١٦٤، وبلا نسبة فى اللسان (وجه) وهمع الهوامع ١/ ٩٩ وصدر البيت يروى:

* زعم البوارح أن رحلتنا غدا*

(٢) البيت للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٨٩، والأزهية ص ١١٩، وخزانة الأدب ٢/ ١٣٣، ٤٤٨، ٧/ ٢٠٣، ٢٠٤ ولسان العرب (قوا).

(٣) سبق تخريجه.

(٤) عجز بيت للنابغة فى ديوانه ص ٨٩ واللسان (سنع)، والتاج (حتم).

(٥) آنس الشخص: أبصره.