باب فى عكس التقدير
  فعللت، من لفظ (الهلمام) وتنوسيت حال التركيب. وكأنّ الذى صرفهما جميعا عن ظاهر حاله حتى دعا أبا علىّ إلى أن جعله من (الهوتة)، وغيره من لفظ أتيت عدم تركيب ظاهره، ألا ترى أنه ليس فى كلامهم تركيب (ه ت و) ولا (ه ت ى) فنزلا جميعا عن بادى أمره إلى لفظ غيره.
  فهذه طريق اختلاف التقدير، وهى واسعة، غير أنى قد نبّهت عليها، فأمض الرأى والصنعة فيما يأتى منها.
  ومن لفظ (الهوتة) ومعناها قولهم مضى هيتاء من الليل؛ وهو فعلاء منه، ألا تراهم قالوا: قد تهوّر الليل. ولو كسّرت (هيتاء) لقلت (هواتىّ) وقريب من لفظه ومعناه قول الله سبحانه {هَيْتَ لَكَ}[يوسف: ٢٣] إنما معناه هلمّ لك، وهذا اجتذاب واستدعاء له؛ قال:
  أن العراق وأهله ... عنق إليك فهيت هيتا(١)
  * * *
(١) البيت بلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٢٥١، ٤٤٠، وشرح المفصل ٤/ ٣٢، ولسان العرب (هيت)، (عنق)، والمحتسب ١/ ٣٣٧ وقبله:
أبلغ أمير المؤمني ... ن أخا العراق إذا أتيتا
هيت: موضع على شاطئ الفرات. قال أبو على: ياء هيت، التى هى أرض. واو. وانظر اللسان (هيت).