الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى

صفحة 292 - الجزء 1

  إلا أن (زيدا) الآن إنما هو منصوب بنفس (عليك) من حيث كان اسما لفعل متعدّ، لا أنه منصوب بـ (خذ).

  ألا ترى إلى فرق ما بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى؛ فإذا مرّ بك شيء من هذا عن أصحابنا فاحفظ نفسك منه، ولا تسترسل إليه؛ فإن أمكنك أن يكون تقدير الإعراب على سمت تفسير المعنى فهو ما لا غاية وراءه، وإن كان تقدير الإعراب مخالفا لتفسير المعنى تقبّلت تفسير المعنى على ما هو عليه، وصحّحت طريق تقدير الإعراب، حتى لا يشذّ شيء منها عليك، وإيّاك أن تسترسل فتفسد ما تؤثر إصلاحه؛ ألا تراك تفسّر نحو قولهم: ضربت زيدا سوطا أنّ معناه ضربت زيدا ضربة بسوط. وهو - لا شكّ - كذلك، ولكن طريق إعرابه أنه على حذف المضاف، أى ضربته ضربة سوط ثم حذفت الضربة على عبرة حذف المضاف. ولو ذهبت تتأوّل ضربته سوطا على أن تقدير إعرابه: ضربة بسوط كما أن معناه كذلك للزمك أن تقدّر أنك حذفت الباء، كما تحذف حرف الجر فى نحو قوله: أمرتك الخير، وأستغفر الله ذنبا، فتحتاج إلى اعتذار من حذف حرف الجرّ، وقد غنيت عن ذلك كلّه بقولك: إنه على حذف المضاف؛ أى ضربة سوط ومعناه ضربة بسوط، فهذا - لعمرى - معناه، فأمّا طريق إعرابه وتقديره فحذف المضاف.

  * * *