باب فى ترك الأخذ عن أهل المدر
  وقول أبى النجم(١):
  وجبلا طال معدّا فاشمخرّ ... أشمّ لا يسطيعه الناس الدّهر(٢)
  وهذا قد قاسه الكوفيون، وإن كنا نحن لا نراه قياسا، لكن مثل (يعدو وهو محموم) لم يرو عنهم فيما علمت. فإياك أن تخلد إلى كلّ ما تسمعه، بل تأمّل حال مورده، وكيف موقعه من الفصاحة، فاحكم عليه وله.
  * * *
(١) أبو النجم: هو الفضل بن قدامة العجلى من بنى بكر بن وائل، من أكابر الرجاز ومن أحسن الناس إنشادا للشعر، نبغ فى العصر الأموى، قال أبو عمرو بن العلاء: كان أبو النجم أبلغ فى النعت من العجاج، وكان أبو النجم ربما قصد فأجاد ولم يكن كغيره من الرجاز. طبقات ابن سلام ص ٢٠٠ - ٢٠٢، والأغانى ١٠/ ١٨٣، والأعلام ٥/ ١٥١، والشعر والشعراء فى كتاب العمدة ص ٢٦٦، ٢٦٧.
(٢) الرجز لأبى النجم فى لسان العرب (دهر)، (جبل)، وتاج العروس (دهر). وجبلا: استعاره أبو النجم للمجد والشرف، قال الفراء: الجبل سيد القوم وعالمهم، والمشمخرّ: الطويل من الجبال. الدّهر: الأمد الممدود، قال ابن سيده: وقد حكى فيه الدّهر بفتح الهاء، فإما أن يكون الدّهر والدّهر لغتين كما ذهب إليه البصريون فى هذا النحو، فيقتصر على ما سمع منه، وإما أن يكون ذلك لمكان حروف الحلق فيطرد فى كل شيء، كما ذهب إليه الكوفيين. اللسان (دهر).