باب فى الامتناع من تركيب ما يخرج عن السماع
  فيقال: أعطيتهوه البتّة، فتكون الواو ردفا، والهاء بعدها رويّا (وجاز أن يكون بعد الواو رويّا)؛ لسكون ما قبلها.
  ومثل ذلك فى الامتناع أن تضمر زيدا من قولك: هذه عصا زيد على قول من قال:
  وأشرب الماء ما بى نحوه عطش ... إلا لأنّ عيونه سيل واديها(١)
  لأنه كان يلزمك على هذا أن تقول: هذه عصاه، فتجمع بين ساكنين فى الوصل، فحينئذ ما تضطرّ إلى مراجعة لغة من حرّك الهاء فى نحو هذا بالضمة وحدها، أو الضمة والواو بعدها، فتقول: هذه عصاه فاعلم، أو عصا هو فاعلم، على قراءة من قرأ «خذوهو فغلّوهو» [الحاقة: ٣٠] و «فألقى عصاهو» [الشعراء: ٣٢] ونحوه.
  ونحو من ذلك أن يقال لك: كيف تضمر (زيدا) من قولك: مررت بزيد وعمرو، فلا يمكنك أن تضمره هنا، والكلام على هذا النضد حتى تغيّره فتقول:
  مررت به وبعمرو، فتزيد حرف الجرّ؛ لما أعقب الإضمار من العطف على المضمر المجرور، بغير إعادة الجارّ.
  وكذلك لو قيل لك: كيف تضمر اسم الله تعالى، فى قولك: والله لأقومنّ ونحوه، لم يجز لك، حتى تأتى بالباء التى هى الأصل، فتقول: به لأقومنّ؛ كما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
  ألا نادت أمامة باحتمال ... لتحزننى فلا بك ما أبالى(٢)
  وكإنشاده أيضا:
(١) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى خزانة الأدب ٥/ ٢٧٠، ٦/ ٤٥٠، ١/ ١٢٨، ٣١٧، ٢/ ١٨، والدرر ١/ ١٨٢، ورصف المبانى ص ١٦، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٧٢٧، ولسان العرب (ها)، والمحتسب ١/ ٢٤٤، والمقرب ٢/ ٢٠٥، وهمع الهوامع ١/ ٥٩.
(٢) البيت من الوافر، وهو لغوية بن سلمى فى لسان العرب (با)، وتاج العروس (الباء)، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ٢٥٣، ورصف المبانى ص ١٤٦، وسر صناعة الإعراب ١/ ١٠٤، ١٤٤، وشرح المفصل ٨/ ٣٤، ٩/ ١٠١، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٠٧، ولسان العرب (أهل)، واللمع ص ٥٨، ٢٥٦. وروى «لتقتلنى» مكان «لتحزننى».