الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين

صفحة 462 - الجزء 1

  فعلى هذه اللغة يكون قوله:

  * فمطلت بعضا، وأدّت بعضن*

  إنما نونه نون الإنشاد لا نون الصّرف؛ ألا ترى أن صاحب هذه اللغة إنما يقف على حرف الإعراب ساكنا، فيقول: رأيت زيد، كالمرفوع والمجرور. هذا هو الظاهر من الأمر.

  فإن قلت: فهل تجيز أن يكون قوله: وأدّت بعضا، تنوينه تنوين الصرف، لا تنوين الإنشاد، إلا أنه على إجراء الوقف مجرى الوصل؛ كقوله:

  * بل جوز تيهاء كظهر الحجفت*

  فإن هذا وإن كان ضربا من ضروب المطالبة فإنه يبعد؛ وذلك أنه لم يمرر بنا عن أحد من العرب أنه يقف فى غير الإنشاد على تنوين الصرف، فيقول فى غير قافية الشعر: رأيت جعفرن، ولا كلّمت سعيدن، فيقف بالنون. فإذا لم يجئ مثله قبح حمله عليه. فوجب حمل قوله: وأدّت بعضن على أنه تنوين الإنشاد على ما تقدّم، من قوله:

  * ولا تبقى خمور الأندرينا⁣(⁣١) *

  و: * أقلّى اللوم عاذل والعتابن⁣(⁣٢) *

  و: * ما هاج أحزانا وشجوا قد شجن*

  ولم تحضرنا هذه المسألة فى وقت علمنا الكتاب «المعرب» فى تفسير قوافى أبى الحسن، فنودعها إيّاه، فلتلحق هذه المسألة به بإذن الله. فإذا مرّ بك فى الحروف ما هذه سبيله، فأضفه إليه.

  ومن ذلك الحركات.

  هذه الحال موجودة فى الحركات وجدانها فى الحروف. وذلك كامرأة سمّيتها


(١) عجز بيت من الوافر، وهو لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٦٤، وتهذيب اللغة ١٤/ ١٢٢، وتاج العروس (مدر)، وخزانة الأدب ٣/ ١٧٨، وشرح شواهد الشافية ص ٢٥١، وشرح شواهد المغنى ١/ ١١٩، ولسان العرب (مدر)، (ندر)، (صحن).

(٢) سبق تخريجه.