الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين

صفحة 464 - الجزء 1

  والبخل، والبخل، والعجم، والعجم، والعرب، والعرب. وفعل ممّا يكسّر على فعل، كأسد، وأسد، ووثن، ووثن. حكى صاحب⁣(⁣١) الكتاب {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً}⁣[النساء: ١٧] وذكر أنها قراءة. وكما كسّروا فعلا على فعل، وكانت فعل وفعل أختين معتقبتين على (المعنى) الواحد كعجم وعجم وبابه جاز أيضا أن يكسّر فعل على فعل؛ كما ذهب إليه صاحب الكتاب فى الفلك إذ كسّر على الفلك؛ ألا ترى أن قوله عزّ اسمه {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}⁣[الشعراء: ١١٩، يس: ٤١] يدلّ على أنه واحد، وقوله تعالى: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}⁣[يونس: ٢٢] فهذا يدل على الجمعيّة. فالفلك إذا فى الواحد بمنزلة القفل، والخرج، والفلك فى الجميع بمنزلة الحمر والصفر.

  فقد ترى اتّفاق الضمّتين لفظا واختلافهما تقديرا ومعنى. وإذا كان كذلك فكسرة الفاء فى هجان، ودلاص فى الواحد ككسرة الفاء فى كناز وضناك، وكسرة الفاء فى هجان ودلاص فى الجمع ككسرة الفاء فى كرام ولئام.

  ومن ذلك قولهم قنو وقنوان، وصنو وصنوان، وخشف وخشفان، ورئد ورئدان، ونحو ذلك مما كسّر فيه فعل على فعلان؛ كما كسّروا فعلا على فعلان. وذلك أن فعلا وفعلا قد اعتقبا على المعنى الواحد؛ نحو بدّل وبدل، وشبه وشبه، ومثل ومثل. فكما كسّروا فعلا على فعلان كشبث وشبثان، وخرب وخربان⁣(⁣٢)، ومن المعتلّ تاج وتيجان، وقاع وقيعان، كذلك كسّروا أيضا فعلا على فعلان، فقالوا: قنو وقنوان، وصنو وصنوان.

  ومن وجه آخر أنهم رأوا فعلا وفعلا قد اعتقبا على المعنى الواحد؛ نحو العلو والعلو، والسفل والسفل، والرجز والرجز؛ فكما كسّروا فعلا على فعلان ككوز وكيزان، وحوت وحيتان، كذلك كسّروا أيضا فعلا على فعلان؛ نحو صنو


(١) الذى فى الكتاب ٢/ ١٧٧: «وذلك نحو: أسد وأسد، ووثن ووثن، بلغنا أنها قراءة» وقراءة أثن ذكرها أبو حيان ولم يعزها، وأثن عليها مبدلة من وثن. وانظر البحر ٣/ ٣٥٢ عند قوله تعالى فى سورة النساء الآية ١١٧: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً}. (نجار).

(٢) شبث وشبثان: هو دويبة كثيرة الأرجل. خرب وخربان: هو ذكر الحبارى.