باب فى اتفاق المصاير، على اختلاف المصادر
  تبدّل خليلا بى كشكلك شكله ... فإنى خليلا صالحا بك مقتوى(١)
  فهذا عندنا مفعلّ من القتو وهو المراعاة والخدمة؛ كقوله:
  إنى امرؤ من بنى خزيمة لا ... أحسن قتو الملوك والحفدا(٢)
  وفيها أيضا: مدحوى، وفيها أيضا محجوى:
  فهذا كله مفعلّ كما تراه غير مدغم.
  وانفعل فى المضاعف كافتعل؛ نحو قولك هذا أمر منحلّ، ومكان منحلّ فيه، ويوم منحلّ فيه، أى تنحلّ فيهما الأمور. فهذا طرف من هذا النحو.
  ومن ذلك قولك فى تخفيف (فعل) من جئت على قول الخليل وأبى الحسن؛ تقول فى القولين جميعا: جى؛ غير أن هذين الفرعين المتفقين التقيا عن أصلين مختلفين.
  وذلك أن الخليل يقول فى (فعل) من جئت: جيء كقوله فيه من بعت بيع.
  وأصل الفاء عنده الضمّ؛ لكنه كسرها لئلا تنقلب الياء واوا فيلزمه أن يقول: بوع.
  ويستدلّ على ذلك بقول العرب فى جمع أبيض وبيضاء: بيض. وكذلك (عين) تكسير أعين وعيناء، و (شيم) فى أشيم وشيماء.
  وأبو الحسن يخالفه فيقرّ الضمّة فى الفاء، فيبدل لها العين واوا فيقول: بوع وجوء. فإذا خفّفا جميعا صارا إلى جى لا غير. فأمّا الخليل فيقول: إذا تحركت العين بحركة الهمزة الملقاة عليها فقويت رددت ضمة الفاء لأمنى على العين القلب، فأقول: جى؛ وأما أبو الحسن فيقول: إنما كنت قلت: جوء فقلبت العين واوا لمكان الضمّة قبلها وسكونها، فإذا قويت بالحركة الملقاة عليها تحصّنت فحمت نفسها من القلب؛ فأقول: جى. أفلا ترى إلى ما ارتمى إليه الفرعان من الوفاق بعد ما كان عليه الأصلان من الخلاف. وهذا ظاهر.
(١) البيت من الطويل، وهو ليزيد بن الحكم فى ديوانه ص ٣٧٧، ولسان العرب (خصب)، وأساس البلاغة (قوى)، وبلا نسبة فى لسان العرب (قتا)، والمخصص ٣/ ١٤١.
(٢) البيت من المنسرح، وهو بلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤٠٨، والمخصص ٣/ ١٤١، والمحتسب ٢/ ٢٥.