الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تلاقى المعانى، على اختلاف الأصول والمبانى

صفحة 475 - الجزء 1

  أى تضرب الإبل حول هذه الناقة للّحاق بها، وهى تسبقهن وتنسلب أمامهن.

  ومنها (السجيّة) هى فعيلة من سجا يسجو إذا سكن؛ ومنه طرف ساج، وليل ساج؛ قال:

  يا حبّذا القمراء والليل الساج ... وطرق مثل ملاء النسّاج⁣(⁣١)

  وقال الراعى:

  ألا اسلمى اليوم ذات الطوق والعاج ... والدلّ والنظر المستأنس الساجى⁣(⁣٢)

  وذلك أن خلق الإنسان أمر قد سكن إليه واستقرّ عليه؛ ألا تراهم يقولون فى مدح الرجل: فلان يرجع إلى مروءة، ويخلد إلى كرم، ويأوى إلى سداد وثقة.

  فيأوى إليه هو هذا؛ لأن المأوى خلاف (المعتمل) لأنه إنما يأوى إلى (المنزل ونحوه) إذا أراد السكون.

  ومنها (الطريقة) من طرّقت الشئ أى وطّأتة وذلّلته، وهذا هو معنى ضربته، ونقبته، وغرزته، ونحتّه؛ لأن هذه كلها رياضات وتدريب واعتمادات وتهذيب.

  ومنها (السجيحة) وهى فعيلة من سجح خلقه. وذلك أن الطبيعة قد قرّت واطمأنّت فسجحت وتذلّلت. وليس على الإنسان من طبعه كلفة، وإنما الكلفة فيما يتعاطاه ويتجشّمه؛ قال حسّان:

  ذروا التخاجؤ وامشوا مشية سجحا ... إن الرجال ذوو عصب وتذكير⁣(⁣٣)


(١) الرجز للحارثى فى لسان العرب (سجا)، وبلا نسبة فى المخصص ٩/ ٢٦، ١٦/ ٥٤، وشرح المفصل ٧/ ١٣٩، ١٤١، وتهذيب اللغة ١١/ ١٤٠، وتاج العروس (قمر)، (سجا)، وجمهرة اللغة ص ٤٨٦، ٤٩١، ومقاييس اللغة ٣/ ١٣٧، وأساس البلاغة (سجو).

(٢) البيت من البسيط، وهو للراعى النميرى فى ديوانه ص ٢٧، ولسان العرب (أنس)، وبلا نسبة فى لسان العرب (سجا)، وجمهرة اللغة ص ١٠٤١.

(٣) البيت من البسيط، وهو لحسان بن ثابت فى ديوانه ص ١٧٩، وجمهرة اللغة ص ١٠٣٧، وشرح شواهد المغنى ١/ ٢١٠، ولسان العرب (خجأ)، (عصب)، (سجح)، وبلا نسبة فى الكتاب ٤/ ٢٤٤. التخاجؤ فسرها بعضهم بأنها مشية فيها تبختر. مشية سجحا: سهلة لينة.