باب فى تصاقب الألفاظ لتصاقب المعانى
  وقالوا: ألته حقّه؛ كما قالوا: عانده. وقالوا: الأرفة للحدّ بين الشيئين؛ كما قالوا: علامة. وقالوا: قفز؛ كما قالوا: كبسا، وذلك أن القافز إذا استقرّ على الأرض كبسها. وقالوا: صهل؛ كما قالوا: زأر. وقالوا: الهتر؛ كما قالوا: الإدل، وكلاهما العجب. وقالوا: كلف به؛ كما قالوا: تقرّب منه، وقالوا: تجعّد؛ كما قالوا: شحط؛ وذلك أن الشئ إذا تجعّد وتقبّض عن غيره شحط وبعد عنه، ومنه قول الأعشى:
  إذا نزل الحىّ حلّ الجحيش ... شقيّا غويا مبينا غيورا(١)
  وذاك من تركيب (ج ع د) وهذا من تركيب (ش ح ط) فالجيم أخت الشين، والعين أخت الحاء، والدال أخت الطاء. وقالوا: السيف والصوب، وذلك أن السيف يوصف بأنه يرسب فى الضريبة لحدّته ومضائه، ولذلك قالوا: سيف رسوب، وهذا هو معنى صاب يصوب إذا انحدر. فذاك من (س ى ف) وهذا من (ص وب) فالسين أخت الصاد، والياء أخت الواو، والفاء أخت الباء. وقالوا: جاع يجوع، وشاء يشاء، والجائع مريد للطعام لا محالة، ولهذا يقول المدعوّ إلى الطعام إذا لم يجب: لا أريد، ولست أشتهى، ونحو ذلك، والإرادة هى المشيئة.
  فذاك من (ج وع) وهذا من (ش ى أ) والجيم أخت الشين، والواو أخت الياء، والعين أخت الهمزة. وقالوا: فلان حلس بيته إذا لازمه. وقالوا: أرز إلى الشئ إذا اجتمع نحوه، وتقبّض إليه؛ ومنه إن الإسلام ليأرز إلى المدينة، وقال:
  بآرزة الفقارة لم يخنها ... قطاف فى الركاب ولا خلاء(٢)
(١) البيت من المتقارب، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٤٣، ولسان العرب (حرد)، (جحش)، والتنبيه والإيضاح ٢/ ١٨، ٣١٤، وجمهرة اللغة ص ٤٣٨، ٥٠١، ومقاييس اللغة ١/ ٤٢٧، ومجمل اللغة ١/ ٤٠٣، وتاج العروس (حرد)، (جحش). الجحيش: يروى بالنصب على الظرفية أى المكان المنفرد، ويروى بالرفع أى زوجها المعتزل بها عن الناس.
(٢) البيت من الوافر، وهو لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص ٦٣، ولسان العرب (خلأ)، (أرز)، (قطف)، ومقاييس اللغة ١/ ٧٩، وكتاب العين ٧/ ٣٨٣، وتاج العروس (خلأ)، (أرز)، (قطف)، وجمهرة اللغة ص ١٠٥٦، وتهذيب اللغة ٧/ ٥٧٧، ١٣/ ٢٤٩، ومجمل اللغة ١/ ١٧٩، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٦٤، ١٠٩٦، والمخصص ٧/ ١٦٢. آرزة الفقارة: أى قوية، وهو من وصف الناقة. والقطاف: مقاربة الخطو.