الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى زيادة الحرف عوضا من آخر محذوف

صفحة 80 - الجزء 2

  يريد المعلّى. وحكى أبو عبيدة وأبو الحسن وقطرب وغيرهم رأيت فرج، ونحو ذلك. فإذا كانت هذه الحروف تتساقط وتهى عن حفظ أنفسها وتحمل خواصّها وعوانى⁣(⁣١) ذواتها، فكيف بها إذا جشّمت احتمال الحركات النّيفات على مقصور صورها.

  نعم، وقد أعرب بهذه الصور أنفسها، كما يعرب بالحركات التى هى أبعاضها.

  وذلك فى باب أخوك وأبوك وهناك وفاك وحميك وهنيك والزيدان والزيدون والزيدين. (وأجريت) هذه الحروف مجرى الحركات فى زيد وزيدا وزيد، ومعلوم أن الحركات لا تحمل - لضعفها - الحركات. فأقرب أحكام هذه الحروف إن لم تمنع من احتمالها الحركات أن إذا تحملتها جفت عليها وتكاءدتها⁣(⁣٢).

  ويؤكّد عندك ضعف هذه الأحرف الثلاثة أنه إذا وجدت أقواهن - وهما الواو والياء - مفتوحا ما قبلهما فإنهما كأنهما تابعان لما هو منهما؛ ألا ترى إلى ما جاء عنهم من نحو نوبة ونوب، وجوبة وجوب⁣(⁣٣)، ودولة ودول. فمجئ فعلة على فعل يريك أنها كأنها إنما جاءت عندهم من فعلة؛ فكأنّ دولة دولة، وجوبة جوبة، ونوبة نوبة. وإنما ذلك لأن الواو ممّا سبيله أن يأتى تابعا للضمّة.

  وكذلك ما جاء من فعلة مما عينه ياء على فعل؛ نحو ضيعة وضيع، وخيمة وخيم، وعيبة وعيب⁣(⁣٤)؛ كأنه إنما جاء على أنّ واحدته فعلة؛ نحو ضيعة وخيمة وعيبة. أفلا تراهما مفتوحا ما قبلهما مجراتين مجراهما مكسورا ومضموما ما قبلهما؛ فهل هذا إلا لأن الصنعة مقتضية لشياع الاعتلال فيهما.


= ٤/ ١٨٨، ولسان العرب (رجم)، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٤٨، والممتع فى التصريف ٢/ ٦٢٢، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤٦٦، والدرر ٦/ ٢٩٨، ورصف المبانى ص ٣٦، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٥٢٢، ٧٢٨، وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٢٨٥، ٣٠٣، ٣٠٨، والمحتسب ١/ ٣٤١، والمقرب ٢/ ٢٩، وهمع الهوامع ٢/ ١٥٧، وتاج العروس (رجم). وصدر البيت:

*وقبيل من لكيز شاهد*

(١) أى ذواتها العوانى أى الضعيفات.

(٢) يقال: تكاءده الأمر: شق عليه وصعب.

(٣) هى الحفرة: وفجوة ما بين البيوت.

(٤) هى وعاء من جلد يكون فيه المتاع.