باب فى استعمال الحروف بعضها مكان بعض
باب فى استعمال الحروف بعضها مكان بعض
  هذا باب يتلقّاه الناس مغسولا ساذجا من الصنعة. وما أبعد الصواب عنه وأوقفه دونه.
  وذلك أنهم يقولون: إن (إلى) تكون بمعنى مع. ويحتجّون لذلك بقول الله سبحانه: {مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ}[الصف: ١٤] أى مع الله. ويقولون: إن (فى) تكون بمعنى (على)، ويحتجّون بقوله - عزّ اسمه -: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه: ٧١] أى عليها. ويقولون: تكون الباء بمعنى عن وعلى، ويحتجّون بقولهم: رميت بالقوس أى عنها وعليها؛ كقوله:
  *أرمى عليها وهى فرع أجمع(١) *
  وقال طفيل:
  رمت عن قسىّ الماسخىّ رجالهم ... بأحسن ما يبتاع من نبل يثرب(٢)
  وأنشدنى الشجرى:
  أرمى على شريانة قذّاف ... تلحق ريش النبل بالأجواف(٣)
(١) الرجز لحميد الأرقط فى شرح شواهد الإيضاح ص ٣٤١، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٠٤، وشرح التصريح ٢/ ٢٨٦، وبلا نسبة فى ديوان الأدب ١/ ١١٨، وإصلاح المنطق ص ٣١٠، وأوضح المسالك ٤/ ٢٨٦، وجمهرة اللغة ص ١٣١٤، وخزانة الأدب ١/ ٢١٤، والمخصص ١/ ١٦٧، ٦/ ٣٨، ١٤/ ٦٥، ١٦/ ٨٠، ومقاييس اللغة ١/ ٢٦، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٧٦، ولسان العرب (ذرع)، (فرع)، (رمى)، (علا)، وأدب الكاتب ص ٥٠٧، والأزهية ص ٢٧٦، والأشباه والنظائر ٥/ ٢١٩، والكتاب ٤/ ٢٢٦، وتاج العروس (فرع)، (رمى)، وتهذيب اللغة ٣/ ١٨٤، وبعده:
*وهى ثلاث أذرع وإصبع*
(٢) البيت من الطويل، وهو لطفيل الغنوى فى ديوانه ص ٣١، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١٣١٤. ويروى: رجالنا بدلا من رجالهم، ونبع بدلا من نبل. الماسخىّ: القوّاس.
(٣) الشريانة يريد بها قوسا اتخذت من الشريان، وهو شجر من عضاه الجبال، تتخذ منه القسىّ. القذاف: التى ترمى بالسهم بعيدا.