حذف الاسم على أضرب
  بقولك: ظننته؛ وحذفت المفعول الثانى من الفعل الأوّل المقدّر اكتفاء بالمفعول الثانى الظاهر فى الفعل الآخر. وكذلك بقيّة أخوات ظننت.
  وقد حذف خبر كان أيضا فى نحو قوله(١):
  أسكران كان ابن المراغة إذ هجا ... تميما ببطن الشأم أم متساكر(٢)
  ألا ترى أن تقديره: أكان سكران ابن المراغة؛ فلما حذف الفعل الرافع فسّره بالثانى فقال: كان ابن المراغة. و (ابن المراغة) هذا الظاهر خبر (كان) الظاهرة، وخبر (كان) المضمرة محذوف معها؛ لأن (كان) الثانية دلّت على الأولى. وكذلك الخبر الثانى الظاهر دلّ على الخبر الأول المحذوف.
  وقد حذف المنادى فيما أنشده أبو زيد من قوله:
  فخير نحن عند الناس منكم ... إذا الداعى المثوّب قال يالا(٣)
  أراد: يا لبنى فلان، ونحو ذلك.
  فإن قلت: فكيف جاز تعليق حرف الجر؟ قيل: لمّا خلط ب «يا» صار كالجزء منها. ولذلك شبّه أبو على ألفه التى قبل اللام بألف باب ودار، فحكم عليها حينئذ بالانقلاب. وقد ذكرنا ذلك. وحسّن الحال أيضا شيء آخر، وهو تشبّث اللام الجارّة بألف الإطلاق، فصارت كأنها معاقبة للمجرور. ألا ترى أنك لو أظهرت ذلك المضاف إليه، فقلت: يا لبنى فلان لم يجز إلحاق الألف هنا (وجرت
(١) أى الفرزدق يهجو جريرا. وهو المقصود بابن المراغة. والمراغة: الأتان التى لا تمتنع من الفحول.
(٢) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه ص ٤٨١ (طبعة الصاوى)، وخزانة الأدب ٩/ ٢٨٨، ٢٨٩، ٢٩٠، ٢٩١، والكتاب ١/ ٤٩، ولسان العرب (سكر)، والمقتضب ٤/ ٩٣، وبلا نسبة فى شرح شواهد المغنى ٢/ ٨٧٤، ومغنى اللبيب ٢/ ٤٩٠، ويروى: (بجوف) مكان (ببطن).
(٣) البيت من الوافر، وهو لزهير بن مسعود الضبى فى تخليص الشواهد ص ١٨٢، وخزانة الأدب ٢/ ٦، والدرر ٣/ ٤٦، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٥٩٥، والمقاصد النحوية ١/ ٥٢٠، ونوادر أبى زيد ص ٢١، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ٢٩، ٢٣٧، ٣٥٤، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٨٤٧، وشرح ابن عقيل ص ١٠٢، ولسان العرب (يا)، ومغنى اللبيب ١/ ٢١٩، ٢/ ٤٤٥، وهمع الهوامع ١/ ١٨١.