الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

فصل فى الحمل على المعنى

صفحة 201 - الجزء 2

  أراد: اللهو، فوضع «ألهو» موضعه؛ لدلالة الفعل على مصدره. ومثله قولك لمن قال لك: ما يصنع زيد؟: يصلّى أو يقرأ؛ أى الصلاة أو القراءة.

  ومما جاء فى المبتدإ من هذا قولهم: تسمع بالمعيدىّ خير من أن تراه؛ أى سماعك به خير من رؤيتك له. وقال ø: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ}⁣[الجن: ١١] أى منّا قوم دون ذلك، فحذف المبتدأ وأقام الصفة التى هى الظرف مقامه. وقال جرير:

  نفاك الأغرّ ابن عبد العزيز ... وحقّك تنفى عن المسجد

  فحذف «أن» من خبر المبتدإ، وهى: وحقّك أن تنفى عن المسجد.

  وقد جاء ذلك فى الفاعل، على عزّته. وأنشدنا:

  وما راعنى إلا يسير بشرطة ... وعهدى به فينا يفشّ بكير⁣(⁣١)

  كذا أنشدناه «فينا» وإنما هو «قينا» أراد بقوله: «وما راعنى إلا يسير» أى مسيره (على هذا وجّهه). وقد يجوز أن يكون حالا، والفاعل مضمر، أى: وما راعنى إلا سائرا بشرطة.

  ومنه بيت جميل:

  جزعت حذار البين يوم تحمّلوا ... وحقّ لمثلى يا بثينة يجزع⁣(⁣٢)

  أى وحقّ لمثلى أن يجزع. وأجاز هشام يسرّنى تقوم، وينبغى أن يكون ذلك جائزا عنده فى الشعر لا فى النثر. هذا أولى عندى من أن (يكون يرتكبه) من غير ضرورة.


= نسبة فى تذكرة النحاة ص ٥٣٦، وشرح المفصل ٢/ ٩٥، والمحتسب ٢/ ٣٢، وهمع الهوامع ١/ ٦. ويروى: (فقالوا) مكان (وقالوا).

(١) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى شرح المفصل ٤/ ٢٧، ومغنى اللبيب ٢/ ٤٢٨. ويروى: (قينا) مكان (فينا). فششت الزّق: إذا أخرجت ما فيه. الكير: هو الزق الذى ينفح فيه الحداد.

(٢) البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة فى ديوانه ص ١١٢، وخزانة الأدب ٨/ ٥٧٩، ٥٨١، ٥٨٢، ٥٨٤، وسر صناعة الإعراب ١/ ٢٨٥، وشرح المفصل ٤/ ٢٧، ولسان العرب (دنا)، وبلا نسبة فى شرح المفصل ٨/ ٤٣.