الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى فرق بين الحقيقة والمجاز

صفحة 210 - الجزء 2

  قرعت ظنابيب الهوى يوم عالج ... ويوم النقا حتى قسرت الهوى قسرا⁣(⁣١)

  وقول الآخر:

  ذهوب بأعناق المئين عطاؤه ... عزوم على الأمر الذى هو فاعله

  وقول الآخر:

  غمر الرداء إذا تبسّم ضاحكا ... غلقت لضحكته رقاب المال⁣(⁣٢)

  وقوله:

  ووجه كأنّ الشمس حلّت رداءها ... عليه نقىّ اللون لم يتخدّد⁣(⁣٣)

  جعل للشمس رداء وهو جوهر، لأنه أبلغ فى النور الذى هو العرض. وهذه الاستعارات كلها داخلة تحت المجاز.

  فأمّا قولهم: ملكت عبدا، ودخلت دارا، وبنيت حمّاما فحقيقىّ هو ونحوه، لا استعارة فيه ولا مجاز فى هذه المفعولات؛ لكن فى الأفعال الواصلة إليها مجاز.

  وسنذكره. ولكن لو قال: بنيت لك فى قلبى بيتا أو ملكت من الجود عبدا خالصا أو أحللتك من رأيى وثقتى دار صدق لكان ذلك مجازا واستعارة؛ لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه؛ على ما مضى.

  ومن المجاز كثير من باب الشجاعة فى اللغة: من الحذوف، والزيادات، والتقديم، والتأخير: والحمل على المعنى، والتحريف.


(١) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (ظنب)، وتاج العروس (ظنب). الظنابيب: واحدها ظنبوب، وهو حرف العظم اليابس من الساق. وقرع ظنابيب الأمر: الشئ إذا ذلله. وانظر اللسان (ظنب).

(٢) البيت من الكامل، وهو لكثير فى ديوانه ص ٢٨٨، ولسان العرب (غمر)، (ضحك)، (ردى)، وتهذيب اللغة ٨/ ١٢٨، ١٤/ ١٦٩، ومقاييس اللغة ٣/ ٣٠٢، ٤/ ٣٩٣، وتاج العروس (غمر)، (ضحك)، (ردى)، وبلا نسبة فى المخصص ٣/ ٣، ١٦/ ٣٢.

(٣) البيت من الطويل، وهو لطرفه بن العبد فى ديوانه ص ٢١، ولسان العرب (ردى)، وتهذيب اللغة ١٤/ ١٧٠، وأساس البلاغة (ردى).