الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الغرض فى (مسائل) التصريف

صفحة 244 - الجزء 2

باب فى الغرض فى (مسائل) التصريف

  وذلك عندنا على ضربين: أحدهما الإدخال (لما تبنيه) فى كلام العرب والإلحاق له به. والآخر التماسك الرياضة به والتدرّب بالصنعة فيه.

  الأوّل نحو قولك فى مثل جعفر من ضرب: ضربب، ومثل حبرج⁣(⁣١): ضربب، ومثل صفرد⁣(⁣٢): ضربب، ومثل سبطر: ضرب، ومثل فرزدق من جعفر: جعفرر. فهذا عندنا كله إذا بنيت شيئا منه فقد ألحقته بكلام العرب، وادّعيت بذلك أنه منه. وقد تقدم ذكر ما هذه سبيله فيما مضى.

  الثانى. وهو نحو ذلك قولك فى مثل فيعول من شويت: شيوىّ، وفى فعلول منه: شووىّ، وفى مثل عضرفوط من الآءة: أوأيوء، ومنها مثل صفرّق: أوؤيؤ، ومن يوم مثل مرمريس: يويويم، ومثل ألندد أينوم، ومثل قولك فى نحو افعوعلت من وأيت: ايأوأيت.

  فهذا ونحوه إنما الغرض فيه التأنّس به وإعمال الفكرة فيه؛ لاقتناء النفس القوّة على ما يرد مما فيه نحو ممّا فيه. ويدلّك على ذلك أنهم قالوا فى مثال إوزّة من أويت: إيّاة؛ والأصل فيه على الصنعة إيوية، فأعلت فيه الفاء والعين واللام جميعا. وهذا مما لم يأت عن العرب مثله. نعم، وهم لا يوالون بين إعلالين إلا لمحا شاذّا، ومحفوظا نادرا، فكيف بأن يجمعوا بين ثلاثة إعلالات! هذا مما لا (ريب فيه) ولا تخالج شك فى شيء منه.

  * * *


(١) حبرج: من طيور الماء.

(٢) صفرد: هو طائر يقال له أبو المليح.