الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى حفظ المراتب

صفحة 254 - الجزء 2

  - ثم ادّغمت الزاى الأولى فى الثانية فصارت: إوزّة كما ترى. فقد عرفت الآن على هذا أن الواو فى إوزة إنما هى بدل عن الياء التى فى إيززة، وتلك الياء المقدّرة بدل من واو (إوززة) التى هى واو وزّ.

  وإن أنت قدّرت أنك لمّا بدأتها فأصرتها إلى إوززة أخذت فى التغيير من آخر الحرف، فنقلت الحركة من العين إلى الفاء فصارت إوزّة، فإن الواو فيها على هذا التقدير هى الواو الأصلية لم تبدل ياء فيما قبل ثم أعيدت إلى الواو؛ كما قدّرت ذلك فى الوجه الأوّل. وكان أبو على | يذهب إلى أنها لم تصر إلى إيززة. قال: لأنها لو كانت كذلك لكنت إذا ألقيت الحركة على الياء بقيت بحالها ياء، فكنت تقول: إيزّة. فأدرته عن ذلك وراجعته فيه مرارا فأقام عليه. واحتجّ بأن الحركة منقولة إليها، فلم تقو بها. وهذا ضعيف جدّا؛ ألا ترى أنك لمّا حرّكت عين طىّ، فقويت رجعت واوا فى طووىّ، وإن كانت الحركة أضعف من تلك؛ لأنها مجتلبة زائدة وليست منقولة من موضع قد كانت فيه قويّة معتدّة.

  ومن ذلك بناؤك مثل فعلول من طويت. فهذا لا بدّ أن يكون أصله: طويوى.

  فإن بدأت بالتغيير من الأوّل فإنك أبدلت الواو الأولى ياء لوقوع الياء بعدها، فصار التقدير إلى طييوى، ثم ادّغمت الياء فى الياء فصارت طيّوى (ثم أبدلت من الضمة كسرة فصارت طيّوى) ثم أبدلت من الواو ياء فصارت إلى طيّيى، ثم أبدلت من الضمة قبل واو فعلول كسرة؛ فصارت طيّيى، ثم ادّغمت الياء المبدلة من واو فعلول فى لامه فصارت طيّىّ. فلمّا اجتمعت أربع ياءات ثقلت، فأردت التغيير لتختلف الحروف، فحرّكت الياء الأولى بالفتح لتنقلب الثانية ألفا فتنقلب الألف واوا، فصار بك التقدير إلى طيىّ، فلمّا تحرّكت الياء التى هى بدل من واو طويوى الأولى قويت فرجعت بقوّتها إلى الواو فصار التقدير: طويىّ، فانقلبت الياء الأولى التى هى لام فعلول الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت طواىّ، ثم قلبتها واوا لحاجتك إلى حركتها - كما أنك لما احتجت إلى حركة اللام فى الإضافة إلى رحى قلبتها واوا - فقلت: طووىّ؛ كما تقول فى الإضافة إلى هوى علما: هووىّ. فلا بدّ أن تستقرئ هذه المراتب شيئا فشيئا، ولا تسامحك الصنعة بإضاعة شيء منها.