باب فى إقلال الحفل بما يلطف من الحكم
  ومن ذلك أيضا قولهم: إنى وزيدا قائمان، وإنى وزيدا قائمان؛ لا يدّعى أحد أن العرب تفصل بين العطف على الياء وهى ساكنة وبين العطف عليها وهى مفتوحة. فاعرف هذا مذهبا لهم، وسائغا فى استعمالهم؛ حتى إن رام رائم أو هجر(١) حالم بأن القوم يفصلون فى هذه الأماكن وما كان سبيله فى الحكم سبيلها بين بعضها وبعضها فإنه مدّع لما لا يعبئون به، وعاز إليهم ما لا يلمّ بفكر أحد منهم بإذن الله.
  فإن انضمّ شيء إلى ما هذه حاله كان مراعى معتدّا؛ ألا تراهم يجيزون جمع دونه مع دينه ردفين. فإن انضمّ إلى هذا الخلاف آخر لم يجز؛ نحو امتناعهم أن يجمعوا بين دونه ودينه؛ لأنه انضمّ إلى خلاف الحرفين تباعد الحركتين، وجاز دونه مع دينه وإن كانت الحركتان مختلفتين؛ لأنهما وإن اختلفتا لفظا فإنهما قد اتفقتا حكما؛ ألا ترى أن الضمّة قبل الواو رسيلة الكسرة قبل الياء، والفتحة ليست من هذا فى شيء؛ لأنها ليست قبل الياء ولا الواو وفقا لهما، كما تكون وفقا للألف. وكذلك أيضا نحو عيده مع عوده، وإن كانوا لا يجيزونه مع عوده. فاعرف ذلك فرقا.
  * * *
(١) هجر فى نومه ومرضه، يهجر هجرا وهجّيرى وإهجيرى: هذى. والهجر: الهذيان.