باب فى وجوب الجائز
  أقّتت ووقّتت، ووجوه وأجوه (وأرقة وورقة) ونحو ذلك فجميعه مسموع.
  ومن ذلك قوله:
  وفوارس كأوار ح ... رّ النار أحلاس الذكور
  فذهب الكسائىّ فيه إلى أن أصله وآر، وأنه فعال من وأرت النار إذا حفرت لها الإرة(١)، فخفّفت الهمزة، فصارت لفظا إلى ووار، فهمزت الفاء البتّة فصارت: أوار. ولم يأت منهم على أصله: وآر (ولا) مخففا (مبدل العين): ووار.
  وكلاهما يبيحه القياس ولا يحظره.
  فأمّا قول الخليل فى فعل من وأيت إذا خففته: أوى فقد ردّه أبو الحسن وأبو عثمان، وما أبيا منه عندى إلا مأبيا.
  وكذلك البرّية فيمن أخذها من برأ الله الخلق - وعليه أكثر الناس -، والنبى عند سيبويه ومن تبعه فيه، والذرّيّة فيمن أخذها من ذرأ الله الخلق. وكذلك ترى وأرى ونرى ويرى فى أكثر الأمر، والخابية، ونحو ذلك مما ألزم التخفيف. ومنه ما ألزم البدل، وهو النبىّ - عند سيبويه -، وعيد؛ لقولهم: أعياد، وعييد.
  ومن ذلك ما يبيحه القياس فى نحو يضرب ويجلس ويدخل ويخرج: من اعتقاب الكسر والضمّ على كل واحدة من هذه العيون، وأن يقال: يخرج ويخرج، ويدخل ويدخل، ويضرب ويضرب، ويجلس ويجلس، قياسا على ما اعتقبت على عينه الحركتان معا؛ نحو يعرش ويعرش ويشنق ويشنق ويخلق ويخلق، وإن كان الكسر فى عين مضارع فعل أولى به من يفعل؛ لما قد ذكرناه فى شرح تصريف أبى عثمان، فإنهما على كل حال مسموعان أكثر السماع فى عين مضارع فعل.
  فاعرف ذلك ونحوه مذهبا للعرب، فمهما ورد منه فتلقّه عليه.
  * * *
(١) الإرة: موقد النار.