الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى كثرة الثقيل، وقلة الخفيف

صفحة 400 - الجزء 2

  وأسر، وقالوا: قطع الله يديه وأديه.

  قيل: أمّا أعصر فهمزته هى الأصل، والياء فى يعصر بدل منها. يدلّ على هذا أنه إنما سمّى بذلك لبيت قاله؛ وهو:

  أبنىّ إن أباك شيّب رأسه ... كرّ الليالى واختلاف الأعصر⁣(⁣١)

  فالياء فى يعصر إذا بدل من همزة أعصر. وهذا ضدّ ما أردته، وبخلاف ما توهّمته. وأمّا أسر ويسر فأصلان، كلّ واحد منهما قائم بنفسه؛ كيتن، وأتن⁣(⁣٢)، وألملم⁣(⁣٣)، ويلملم. وأما أديه ويديه فلعمرى إن الهمزة فيه بدل من الياء؛ بدلالة يديت إليه وأيد ويدىّ ونحو ذلك، لكنه ليس البدل من ضرب إبدال الواو همزة.

  وذلك أن الياء مفتوحة، والواو إذا كانت مفتوحة شذّ فيها البدل؛ نحو أناة وأجم.

  فإذا كان هذا حديث الواو التى يطّرد إبدالها، فالياء حرى ألا يكون البدل فيها إلا لضرب من الاتّساع، وليس طريقه طريق الاستخفاف والاستثقال.

  فإن قلت: فالهمزة على كل حال أثقل من الواو، فكيف عدل عن الأثقل إلى ما هو أثقل منه؟

  قيل: الهمزة وإن كانت أثقل من الواو على الإطلاق، فإن الواو إذا انضمّت كانت أثقل من الهمزة، لأن ضمتها تزيدها ثقلا. فأمّا إسادة وإعاء فإن الكسرة فيهما محمولة على الضمّة فى أقّتت، فلذلك قلّ نحو إسادة، وكثر نحو أجوه، وأرقة؛ حتى إنهم قالوا فى الوجنة: الأجنة، فأبدلوها مع الضمّة البتّة، ولم يقولوا: وجنة.


= والإيضاح ٢/ ٢٣٠، وجمهرة اللغة ص ٧٢٥، وتاج العروس (يسر). وصدره:

* أرق العين خيال لم يقر*

ويسر: دحل بالدهناء لبنى يربوع والدّحل: هوّة تكون فى الأرض وفى أسافل الأودية يكون فى رأسها ضيق ثم يتسع أسفلها.

(١) البيت من الكامل، وهو لباهلة بن أعصر فى لسان العرب (عصر)، وتاج العروس (عصر)، ولمنبه بن سعد بن قيس عيلان فى أساس البلاغة (عصر)، وبلا نسبة فى لسان العرب (يبر)، والمخصص ٦/ ٣٣.

(٢) اليتن والأتن: الولاد المنكوس، تخرج رجلا المولود قبل رأسه ويديه.

(٣) ألملم ويلملم موضع. وهو ميقات أهل اليمن للإحرام بالحج.