الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

ذكر الأمثلة الفائتة للكتاب

صفحة 413 - الجزء 2

  وأمّا دحندح فإنه صوتان: الأوّل منهما منوّن: دح، والآخر منهما غير منوّن: دح (وكأنّ الأوّل نوّن للوصل. ويؤكّد ذلك قولهم فى معناه: دح دح) فهذا كصه صه فى النكرة، وصه صه فى المعرفة. فظنّته الرواة كلمة واحدة. ومن هنا قلنا: إن صاحب اللغة إن لم يكن له نظر أحال كثيرا منها، وهو يرى أنه على صواب.

  ولم يؤت من أمانته، وإنما أتى من معرفته. ونحو هذا الشاهد إذا لم يكن فقيها: يشهد بما لا يعلم وهو يرى أنه يعلم. ولذلك ما استدّ عندنا أبو عمرو الشيبانىّ لملازمته ليونس وأخذه عنه. ومعنى هذه الكلمة فيما ذكر (محمد بن الحسن أبو بكر: قد أقررت فاسكت) (وذكر محمد بن حبيب أن دحندح دويبة صغيرة: يقال هو أهون علىّ من دحندح) ومثل هذين الصوتين عندى قول الآخر:

  إن الدقيق يلتوى بالجنبخ ... حتى يقول بطنه جخ جخ⁣(⁣١)

  فهذا حكاية صوت بطنه.

  وأمّا عفرّين فقد ذكر سيبويه فعلا كطمرّ وحبرّ⁣(⁣٢). فكأنه ألحق علم الجمع كالبرحين⁣(⁣٣) والفتكرين⁣(⁣٤). إلا أن بينهما فرقا. وذلك أن هذا يقال فيه: البرحون والفتكرون، ولم يسمع فى عفرّين الواو. وجواب هذا أنه لم يسمع عفرّين فى الرفع بالياء، وإنما سمع فى موضع الجرّ، وهو قولهم: ليث عفرّين⁣(⁣٥). فيجب أن يقال فيه فى الرفع: هذا عفرّون. لكن لو سمع فى موضع الرفع بالياء لكان أشبه بأن يكون فيه النظر. فأمّا وهو فى موضع الجر فلا يستنكر فيه الياء

  وأما ترعاية فقد قيل فيه أيضا: رجل ترعيّة، وترعاية. وكان أبو علىّ صنع ترعاية فقال: أصلها ترعيّة ثم أبدلت الياء الأولى للتخفيف ألفا؛ كقولهم فى الحيرة: حارىّ. وإذا كان ذاك أمرا محتملا لم يقطع بيقين على أنه مثال فائت فى


(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (جخخ)، (جنبخ)، وتهذيب اللغة ٧/ ٦٣٩، وتاج العروس (جنبخ)، ويروى (القصير) مكان (الدقيق). الدقيق: دقيق الجسم ضئيله. والجنبخ: الطويل.

(٢) حبر: موضع فى البادية.

(٣) البرحين: بكسر الباء وضمها - الشدائد والدواهى.

(٤) الفتكرين: بكسر الفاء وضمها أيضا - الشدائد والدواهى.

(٥) يقال: ليث عفرّين أى أسد قوى.