الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الجوار

صفحة 432 - الجزء 2

  أجازوا فيه أن يكون أراد: جمع لبن آئل أى خاثر، من قولهم: آل اللبن يئول إذا خثر؛ فقلبت العين حملا على قلب اللام كما تقدّم.

  ومن الجوار فى المتصل قول جرير:

  * لحبّ المؤقدان إلىّ مؤسى*

  وقد ذكرنا أنه تصوّر الضمة، - لمجاورتها الواو -، أنها كأنها فيها، فهمزها؛ كما تهمز فى أدؤر، والنئور، ونحو ذلك.

  وعليه أيضا أجازوا النقل لحركة الإعراب إلى ما قبلها فى الوقف؛ نحو هذا بكر، ومررت ببكر؛ ألا تراها لمّا جاورت اللام بكونها فى العين، صارت لذلك كأنها فى اللام لم تفارقها.

  وكذلك أيضا قولهم: شابّة ودابّة؛ صار فضل الاعتماد بالمدّ فى الألف كأنه تحريك للحرف الأوّل المدغم، حتى كأنه لذلك لم يجمع بين ساكنين. فهذا نحو من الحكم على جوار الحركة للحرف.

  ومن جوار المتّصل استقباح الخليل نحو العقق، مع الحمق، مع المخترق.

  وذلك لأن هذه الحركات قبل الروىّ المقيّد لمّا جاورته، وكان الروىّ فى أكثر الأمر وغالب العرف مطلقا لا مقيّدا، صارت الحركة قبله كأنها فيه، فكاد يلحق ذلك بقبح الإقواء. وقد تقدّم ذكر نحو هذا. وله نظائر.

  وأما الجوار فى المنفصل فنحو ما ذهبت الكافّة إليه فى قولهم: هذا جحر ضبّ خرب، وقول الحطيئة:

  فإيّاكم وحيّة بطن واد ... هموز الناب ليس لكم بسىّ⁣(⁣١)


(١) البيت من الوافر، وهو للحطيئة فى ديوانه ص ١٣٩، وجمهرة اللغة ص ١٣١٠، وخزانة الأدب ٥/ ٨٦، ٩٦، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٣٠، وشرح المفصل ٢/ ٨٥، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٥٥، ولسان العرب (سوا)، وبلا نسبة فى الصاحبى فى فقه اللغة ص ١٣٨، والمنصف ٢/ ٢. وقبله:

فأبلغ عامرا عنى رسولا ... رسالة ناصح بكم حفىّ

يريد: قبيلة عامر بن صعصعة. ورسولا: أى رسالة. والحفىّ: المشفق اللطيف. وقوله: فإياكم =