الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى نقض الأصول وإنشاء أصول (غيرها منها)

صفحة 438 - الجزء 2

باب فى نقض الأصول وإنشاء أصول (غيرها منها)

  رأيت أبا علىّ | معتمدا هذا الفصل من العربيّة، ملمّا به، دائم التطرّق له، والفزع فيما يحدث إليه. وسنذكر من أين أنس به، حتى عوّل فى كثير من الأمر عليه.

  وذلك كقولنا: بأبأت بالصبىّ بأبأة وبئباء إذا قلت له: بنبإ. وقد علمنا أن أصل هذا أن الباء حرف جرّ، والهمزة فاء الفعل، فوزن هذا على هذه المقدّمة: بفبفت بفبفة وبفبافا؛ إلا أنا لا نقول مع هذا: إن هذه المثل على ما ترى، لكن نقول: إنّ بأبأت الآن بمنزلة رأرأت عيناه، وطأطأت رأسى، ونحو ذلك ممّا ليس منتزعا، ولا مركبا. فمثاله إذا: فعللت فعللة وفعلالا، كدحرجت دحرجة ودحراجا.

  ومن ذلك قولهم: الخازباز⁣(⁣١). فالألف عندنا فيهما أصل، بمنزلة ألف كاف ودال. وذلك لأنها أسماء مبنية وبعيدة عن التصرّف والاشتقاق. فألقفاتها إذا أصول فيها؛ كألفات ما، ولا، وإذا، وألا، وإلا، وكلا، وحتّى. ثم إنه قال:

  * ورمت لهازمها من الخزباز⁣(⁣٢) *

  فالخزباز الآن بمنزلة السربال والغربال، وألفه محكوم عليها بالزيادة كألفهما؛ ألا ترى الأصل كيف استحال زائدا، كما استحالت (باء الجر الزائدة فى بأبى أنت فاء فى بأبأت بالصبىّ. وكذلك أيضا استحالت) ألف قاف (ودال ونحوهما) وأنت تعتقد (فيها كونها أصلا) غير منقلبة، إلى اعتقادك فيها القلب، لمّا اعتزمت فيها الاشتقاق. وذلك قولك: قوّفت قافا، ودوّلت دالا. وسألنى أبو علىّ - |


(١) الخازباز: داء يأخذ الإبل فى حلوقها. والخزباز لغة فيه. وانظر اللسان (خوز).

(٢) عجز البيت من الكامل، وهو بلا نسبة فى الإنصاف ١/ ٣١٥، وجمهرة اللغة ص ٢٨٩، وشرح المفصل ٤/ ١٢٢، والكتاب ٣/ ٣٠٠، ولسان العرب (درب)، (خزبز)، (خوز)، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ١٠٧. وصدر البيت:

* مثل الكلاب تهر عند درابها*

اللهازم جمع لهزمة، وهى لحمة فى أصل الحنك. والبيت فى اللسان (خوز).