الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[امتناعه # عن مجاهدة الخلفاء الثلاثة]

صفحة 119 - الجزء 1

  فما منعك أن تضرب بسيفك دون ظلامتك؟!.

  قال: يا أشعث! ما يمنعني من ذلك ما منع هارون إذ قال لموسى: {[يَبْنَؤُمَّ] لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}⁣(⁣١) [طه: ٩٤]، وكان قول موسى لهارون: إن ضلَّ قومي واتبعوا غيرك فجاهدهم ونابذهم، فإن لم تجد أعواناً فاكفف يدك، واحقن دمك.

  فكففت يدي وحقنت دمي أن يقول لي أخي: ألم أقل لك: إنك إن لم تجد أعواناً فاكفف يدك، واحقن دمك؟ ولو أمرني بمجاهدتهم وحدي لجاهدتهم وحدي⁣(⁣٢).

  وقد روى أهل العلم من غير جهة أن هارون كان في ستمائة ألف، فأخبر الله بعذره في كتابه إذ يقول: {إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي}⁣[الأعراف: ١٥٠].

  فإن قالت الخوارج: وكيف يخاف علي أن يقتله أبو بكر أو غيره من المهاجرين والأنصار وقد زعمتم أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أخبر أن عبد الرحمن بن ملجم يقتله؟ فزعمتم أن علياً كان يقول إذا نظر إليه في عسكره أو جاء لأخذ عطائه:

  أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد

  أما والله لتخضبنَّ هذه من هذه⁣(⁣٣)، وأشار إلى لحيته ورأسه.


(١) ما بين المعقوفين رسم قرآني، وفي (أ): يا ابن أم.

(٢) ولقد أشار معاوية إلى هذا في كتابه إلى عليّ #، جاء فيه: ... ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لَمّا حرَّكَك وهيَّجك: لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم وحدي. اه، أنظر تاريخ اليعقوبي: ٢/ ١٢٦، شرح نهج البلاغة لاابن أبي الحديد: ٢/ ٦٧، كتاب صفين لنصر بن مزاحم: ص ١٨٢. معالم المدرستين لمرتضى العسكري: ١/ ١٧١.

(٣) وفي رواية: (والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه) أنظر مسند أحمد بن حنبل: ١/ ١٥٦، الاستيعاب لابن عبد البَّر: ٢/ ٤٧٠. وفي مضمون الحديث أيضاً أنظر: مستدرك الصحيحين للحاكم: ٣/ ١٤٢، الاستيعاب لابن عبد البَّر: ٢/ ٦٨١، مسند أبي داود الطيالسي: ١/ ٢٣، مجمع =