الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الجواب على من قال: إن الشيعة كفرت أصحاب رسول الله ÷]

صفحة 142 - الجزء 1

  فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: ما الذي أنكرتم من قول من قال: إن المهاجرين والأنصار أخطؤوا وعصوا ولم ينكروا قول الله تبارك وتعالى في أنبيائه ورسله، فأخبر بخطئهم وعصيانهم في كتابه المنزل على نبيه المرسل؛ منهم صفوة الله من خلقه؛ خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسكنه جَنَّته، وأسجد له ملائكته، أمره ألا يقرب الشجرة فعصاه فأخرجه من جواره، ونوَّه به بعصيانه [لربِّ العالمين]⁣(⁣١) إياه فقال فيه: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}⁣[طه: ١٢١].

  فآدم # خير من المهاجرين والأنصار، مع أنه تبارك وتعالى قد أخبر بعصيانهم لربِّ العالمين؛ إذ يقول: {[وَلَقَدْ]⁣(⁣٢) صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ}⁣[آل عمران: ١٥٢] ولم يقل: (وأطعتم).

  فإن أنكرتم هذا فحوِّلُوه من المصاحف وصيِّرُوه (وأطعتم).

  ثم أخبر بعد العصيان فقال: {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}⁣[آل عمران: ١٥٢] - إلى [قوله]: {مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ}⁣[آل عمران: ١٥٤]؛ فأخبر تبارك وتعالى بعصيانهم وتوليهم عن رسول الله ÷، وبأنهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، وأنهم يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لرسول الله.

  فقل للخوارج: هل وبَّخ الله تبارك وتعالى آدم إذ عصاه [بمثل ما]⁣(⁣٣) وبَّخ فيه القوم إذ عصوا رسوله؟.

  فإذا كانوا قد عصوا رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ في حياته فكيف يُؤمن منهم العصيان بعد وفاته؟!.


(١) من (ب، ج).

(٢) ما بين المعقوفين تصويب، ففي (أ): لقد.

(٣) من (ب، ج).