[شجاعته # ورفعه لراية الإسلام]
  فإن كان رسول الله ÷ أوصَى إليهما أو إلى غيرهما أن يُقبرا معه في قبره فلعَمْرِي إنها لفضيلة، فمن الموصَى إليه بذلك حتى نعرفه؟!.
  وقد زعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أنه ÷ لم يوص إلى أحد، [وإن كانا أمرا بذلك](١) من غير رأيه فما كان ذلك لهما ولا لغيرهما؛ لأن الله جل ثناؤه يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}[الأحزاب: ٥٣]، وحرمته بعد وفاته كحرمته في حياته صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً.
[شجاعته # ورفعه لراية الإسلام]
  وأمَّا قولهم: إن عمر أعز به الإسلام. فما حجتهم على من خالفهم في إنكار ذلك وقال:
  إنه لم يكن في بيت عزّ، ولم يكن له منعة في عشيرة، ولا شجاعة في بلد، فبأي وجه عُزَّ به الإسلام؟!
  أو ما حجتهم على من احتج عليهم فقال: قد حصر المشركون رسول الله ÷ في الشِّعب بمكَّة، ومعه بنوا هاشم مؤمنهم وكافرهم، ومعهم عمر بن الخطاب، فلم يُعزُّوا به، ولم يدفع عنهم ضيماً، ولم يشدوا به عضداً؟
  وما حجتهم على من خالفهم فقال: إن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ صده المشركون عن دخول مكَّة، وصدوا هَدْيه وهو معكوف أن يبلغ مَحِلَّه ومعه عمر، فما باله لم يعزّهم ويمنعهم حتى يدخلوا مكَّة ومبلغ هَدْيَ النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ مَحِلَّه؟.
  وما حجتهم على من خالفهم واحتج عليهم بقول الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}[آل عمران: ١٢٣] حين دعاه سعيد بن العاص للمبارزة فلم يبرز إليه، فَلِم لم يُعزّ به الإسلام؟!
(١) من (ب)، وفي (أ): وإن كان أمراً بذلك.