الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[اشتغال علي # بجهاز رسول الله ÷]

صفحة 193 - الجزء 1

  بما قد ذكرنا فلم يقبلوا من قوله شيئاً، فقال عبد الرَّحمن - وقوله لأصحاب الشورى -: (صيِّروا الأمر في يدي على أنِّي أخرج منها نفسي وأصير الخلافة إلى رجل منكم ترضون به جميعاً، يعمل فيها بكتاب الله وسنة نبيِّه)⁣(⁣١).

  فصيَّروا الأمر إليه على هذه الشريطة، فلم يختلج أحد ممن له عقل ومعرفة أن عبد الرَّحمن بن عوف سيصيرها إلى علي؛ إذ ليس أحد من القوم أعلم بكتاب الله ø، ولا بحلاله ولا بحرامه، ولا سنَّة رسوله منه.

  فخلا عبد الرَّحمن بأخيه عثمان فقال له: (أصيِّرُها إليك على أن تعمل فيها⁣(⁣٢) بكتاب الله وسنة نبيه، وتسير فيها سيرة أبي بكر وعمر، وتجعل لي مصر طعمة ما بقيت)⁣(⁣٣).

  فأجابه إلى ذلك، واستتر بقوله: (تعمل فيها بكتاب الله وسنَّة رسوله)، فأوضح سيرة أبي بكر وعمر، ولم يرد غير سيرتهما؛ لأنه علم أن علياً لا يسير بسيرتهما.

  ثم خلا بسعد فقال له: (أصيِّرُها إليك على أن تحكم فيها بكتاب الله وسنة رسوله، وتسير فيها بسيرة أبي بكر وعمر، وتجعل لي مصر طعمة ما بقيت). فأجابه إلى ذلك.

  ثم خلا بطلحة بن عبيد الله فقال له مثل مقالته لصاحبه، فأجابه إلى ذلك.

  ثم خلا بالزبير بن العوَّام فقال له مثل مقالته لأصحابه، فأجابه إلى ذلك.

  ثم خلا بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ وَسَلامُهُ فقال: (إنِّي أُصيِّرُها إليك على أن تحكم فيها بكتاب الله وسنة نبيِّه، وتسير فيها بسيرة أبي بكر وعمر، وتجعل لي مصر طعمة ما بقيت).


(١) العقد الفريد للأندلسي: ٣/ ٧٤، كنز العمال للمتقي الهندي: ٣/ ١٦٠، طبقات ابن سعد: ٥/ ٢٠ - ٢٢، أنساب الأشراف للبلاذري: ٥/ ١٩ و ١٢، تاريخ اليعقوبي: ١/ ١٦٢، تاريخ الطبري: حوادث سنة ٢٣ هـ، ٣/ ٢٩٧، الحدائق الوردية للشهيد المحلي: ١/ ٤٠.

(٢) في (ج): فيهم.

(٣) أنظر المصادر السابقة.