الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[اشتغال علي # بجهاز رسول الله ÷]

صفحة 192 - الجزء 1

  فخاف عمر شذوذ الزبير وميله إلى علي لتلك الفعلة، ووثق بهؤلاء الأربعة أنهم لا يدعون إلى علي، ولذلك جعلها عمر شورى.

  والدليل على ذلك قوله: (إن اجتمع ثلاثة وثلاثة فالحق في الفرقة التي فيها عبد الرَّحمن بن عوف)، وذلك أنه علم أنه يدعو إلى أخيه عثمان بن عفّان: (إن اتفق أربعة⁣(⁣١) وخالف اثنان فاضربوا أعناق الاثنين)؛ لأنه علم أن علي بن أبي طالب والزبير سيخالفان، وأن عليّاً سيدعو إلى نفسه ويستجيبه الزبير كما خالفا عليهم يوم بيعة أبي بكر، وإلا فما دليل عمر أن الحق في الفرقة التي فيها عبد الرَّحمن بن عوف؛ إذ لم يكن أمراً من الله ولا من رسوله.

  ثم حكم بحكم آخر: أن يصيروا الستة أصحاب الشورى في بيت ويتشاوروا فيه ثلاثة أيام، ولا يدخل عليهم أحد، (فإن مضت ثلاثة أيام ولم يقيموا رجلاً منهم فاضربوا أعناقهم جميعاً).

  وصيَّر على ضرب أعناقهم ابنه عبد الله [بن عمر]⁣(⁣٢)، واستخلف على الصلاة صهيب الرومي⁣(⁣٣)، فكان يصلي بالمهاجرين والأنصار.

  فإذا كانت الصلاة - فيما زعموا عندهم - عمود الدين، وهي أفضل الأعمال، وهي دليلهم على أبي بكر؛ إذ زعموا أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أمره بالصلاة فقد دلَّهم عمر على صهيب إذ أمره بالصلاة، فما كان حاجتهم إلى الشورى، مع أن تصحيح فعال عمر في الشورى وصرفه الخلافة عن علي بن أبي طالب، ومحبَّته أن يصيِّر إلى عثمان بن عفان من جهة عبد الرَّحمن بن عوف، أنهم لما اجتمعوا فاحتج عليهم أمير المؤمنين #


(١) نخ (ب): الأربعة.

(٢) من (ب).

(٣) صهيب الرومي، أحد المؤذنة للنبي ÷، هو أبو يحيى النمري، صحابي مشهور، شهد بدراً وغيرها، توفي بالمدينة سنة ثمان، وقيل تسع وثلاثين، ودفن بالبقيع. اه.