الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[التحكيم]

صفحة 195 - الجزء 1

[التحكيم]

  وزعمت الخوارج: أن علياً حكَّم في دين الله ولم يكن ذلك له.

  وزعموا: أنه حكَّم كافرين: أبا موسَى الأشعري وعمرو بن العاص، وكان الحُكم فيهم القتال، أو الفيء إلى أمر الله.

  واحتجوا بقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩].

  واحتجوا بحكومة ذوي عدل بقتل عصفور قُتل في الحرم، وغير ذلك.

[الجواب في التحكيم]

  سل الخوارج عن ذات أنفسهم؛ إذ كانوا في عسكر علي يقاتلون معاوية، وأهل الشام في عسكر معاوية يقاتلون معه، يضرب بعضهم رقاب بعض، أَفِئَة واحدة كانوا مؤتلفين أم مفترقين مختلفين؟

  فإن قالوا: بل فئتين مختلفتين، تدَّعي كل واحدة منهما الحق، وتدَّعي كل واحدة منهما أن الأخرى عليها باغية.

  فقل لهم: فإن كانوا كذلك فمن أي جهة نقَلت أن عليّاً كافرٌ؛ أمن الموافق لها أم من المخالف؟!

  فإن قالوا: بل من الموافق من أصحابهم.

  فقل لهم: كيف تُقبل شهادتهم على عليٍّ وهم أعداؤه وخصماؤه؟

  فإن كانت تجوز شهادة الخصم على خصمه لم لا تجوز شهادة علي # أنهم كُفَّار كما جوَّزُوا شهادتهم على علي أنه كافر؟

  وكيف تجوز شهادة أبي لهب - عدو الله - على رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ: أنه ساحر، وشاعر، ومجنون؟!.

  فإن قالوا: لا تجوز شهادة العدو على عدوه.