الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الجواب في إثبات الوصية من الله تبارك وتعالى وافتراضه إياها على الخلق

صفحة 24 - الجزء 1

  إِلَيْهِ}⁣[الشورى: ١٣]؛ فأمر تبارك وتعالى بإقامة دينه وشرائعه فقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}⁣[الماائدة: ٤٤]، و {الظَّالِمُونَ}⁣[الماائدة: ٤٥]، و {الْفَاسِقُونَ}⁣[الماائدة: ٤٧]، فكانت أنبياء الله ورسله $ أمناءه على وحيه، وحُجَّته على خلقه، وشهداءه بإبلاغ رسالته، مستحفظين لكتابه، مستَودَعين على أسراره، مستودِعِين ما استُودعوا، أوصياء مرضيين، أمناء منتجبين، حُججاً له على أممهم من بعدهم، فكان النبي يوصي إلى الوصي بعد وفاته بعلم ما تحتاج إليه أمته بعد انقضاء أجله، لئلا يُدْرَس الدين، ولا تبدل أحكام ربِّ العالمين، فيجيء ذلك الوصي ما أوصى به إليه ذلك النبي يسير بسيرته، ويهدي بهديه، ولولا ذلك لدُرِسَت الأعلام، ولبُدِّلَت الأحكام، ولا عُرف الحلال من الحرام، حتى إذا أفضت النبوة إلى خاتم النبيئين، والحُجَّة على الخلق أجمعين، والشاهد عليهم يوم الدين [محمَّد]⁣(⁣١) ÷ دعا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، صابراً على الأذى، محتملاً للبلاء، مخالفاً في الله الأقرباء، دعا عشيرته الأقربين⁣(⁣٢)، وأعم بالدعوة جميع الخلق أجمعين، فكان أول من أجابه وصدقه أخوه المرتضى، وابن عمه المهتدي علي بن أبي طالب ~، المواسي له بنفسه، الضارب دونه بسيفه، [الممتحن بالنوم على فراشِه، يقيه الحتوف بنفسه]⁣(⁣٣)، وكان


(١) من (ب، ج).

(٢) قصة دعوته ÷ لعشيرته الأقربين لها مصادر عديدة في جلّ كتب الحديث والسير والتاريخ، ومن ذلك ما رواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده عن عبد الله بن الحارث، وبسند آخر نحوه عن ابن عباس: عن عليّ بن أبي طالب (ع)،

أنظر كتاب المناقب للكوفي: ١/ ٣٧٢ - ٣٧٤ ح ٢٩٥، وأنظر البخاري: كتاب الوصايا ح ٢٥٤٧، سنن الترمذي: كتاب الزهد، ح ٢٢٣٢، وكتاب تفسير القرآن ح ٣١٠٨. سنن النسائي: كتاب الوصايا، ح ٣٥٨٦. مسند أحمد: باقي مسند المكثرين ح ٨٠٥١، ومسند المكثرين ح ١٥٣٤٩، ومسند البصريين ح ١٩٦٩٥، وباقي مسند الأنصار ح ٢٣٨٩٣ و ٢٤٣٥٩.سنن الدارمي - كتاب الرقاق - ح/٢٦١٦.

(٣) سقط في (أ) وأثبت من (ب، ج).