الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الجواب على زعم الخوارج: أن قول الشيعة في علي # كقول النصارى في عسيى بن مريم @]

صفحة 255 - الجزء 1

  فقل للخوارج: إن كانت النصارى قالت إن عيسى إله فقد نفى عيسى ذلك عن نفسه، فقال: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}⁣[مريم: ٣٠].

  وإن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قد نفى عن الشيعة ما ادعت الخوارج عليهم من الكذب في عليٍّ وذلك قوله ~ وَآلِهِ بالأثر المشهور الذي نقلته الأمَّة عنه - أنه قال لعليّ ¥: «يا عليّ؛ لولا أن تقول فيك طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم؛ لقلت اليوم فيك مقالاً لا تمر بمَلأٍ من الناس إلاَّ أخذوا التُّراب من تحت قدميك يتباركون به»⁣(⁣١).

  فقول النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ: «لولا أن تقول فيك طوائف من أُمَّتي» نفى عن أمَّته أنها لا تقوله؛ لأنه لو علم أنها تقول في عليٍّ ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لما قال: «لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي».

  فإذا علم عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أنها لا تقول ما قالت النصارى أمسك عن المقال الذي لو قاله فيه لأخذوا التراب من تحت قدميه يتباركون به.

  فإن زعمت الخوارج: أن الشيعة تقوله فقد أكذبت رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، ومن أكذب رسول الله فقد أكذب الله وكفر به وبرسوله.

  وإن كذبوا على الشيعة أنها مثَّلت علي بن أبي طالب بعيسى بن مريم فقد ضرب الله تبارك وتعالى عيسى بن مريم مثلاً بعليّ بن أبي طالب في كتابه الناطق على لسان نبيِّه


(١) أخرجه الإمام الأعظم المنصور بالله عبد الله بن حمزة في الشافي بإسناده إلى كتاب: (المحيط بأصول الإمامة) للشيخ الإمام أبي الحسن علي بن الحسين بن محمد الزيدي، ورواه أيضاً بإسناده عن جابر، ورواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده عن جابر بن عبدالله الأنصاري في كتابه المناقب: ١/ ٤٥٨ و ٤٥٩ ح ٣٦٠، وأخرجه الخوارزمي عن علي، والكنجي عن زيد بن علي، وأخرجه المرشد بالله بسندين في كتابه الأمالي: ١/ ١٣٣ و ١٣٧، وأخرجه ابن المغازلي في مناقبة: ص ١٥٧، ورواه الهيثمي في مجمعه: ٩/ ١٣١.