[الموقف من الصحابة]
  شُهَدَاءَ}[المائدة: ٤٤]؛ فأخبر تبارك وتعالى أن المستحفظين لكتاب الله هم الذين يحكمون بكتاب الله وبما في التوراة، على أن التوراة أعجمية أنزلت لغيرنا على غير نبينا، فكيف لا يعلم نبينا المستحفظ لكتابنا على حكم ما أنزل عليه لنا؟
  فلو نَظَرَت الخوارج ومن قال بمقالتهم، وفَكَّرَت مَنْ كان المستحفظ لكتاب الله بعد رسول الله ÷، ومن الذي جمعه وألفه(١)، وادعى علم تأويله، ومعرفة ناسخه ومنسوخه، وحلاله وحرامه، ومحكمه ومتشابهه، فقصدوا قصده؛ لم يعدموا علم نازلة تنزل بهم، ولا بأحد من الخلق إلا وجدوا علمها عند ذلك المستحفظ، ولم يقصدوا من لم يحفظ كتاب الله ولم يقرأه، ومن طلب الشهود عليه بعد وفاة رسول الله ÷ لمن يجمعه، فمن جاء بآية يشهد عليها شاهدان أنها من كتاب الله أثبتها، وإن لم يأت عليها شاهدان لم يقبلها، ولعل فيما لم يقبل من الله حكماً من الله لبعض النوازل التي زعموا أنهم لم يجدوا حكمها في كتاب الله.
[الموقف من الصحابة]
  وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن الشيعة طعنت على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وجميع المهاجرين والأنصار.
  فلعمري؛ إن مَن طَعَن على الله في تدبيره، وعلى رسوله في تقصيره، في بلاغ رسالات ربِّه، وبين من طعن على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وجميع المهاجرين والأنصار، وجميع الخلق أجمعين؛ بَوْناً بعيداً.
  إن من زعم أن الله تبارك وتعالى بعث نبياً من أنبيائه إلى أُمَّة من خلقه بجميع ما تحتاج إليه تلك الأُمَّة من علم حلال وحرام، وفرائض وأحكام في نوازل تنزل عليه، ونوازل تنزل
(١) روى أبو نعيم بسنده عن عبد خير عن علي (#) قال: لما قُبِض رسول الله (÷) أقسمت (حلفت) أن لا أضع ردائي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين فما وضعت ردائي عن ظهري حتى جمعت القرآن. اه أنظر حلية الأولياء لأبي نعيم: ١/ ٦٧.