الشبهة السادسة: عدم انتشار المذهب الزيدي كغيره
  خوفاً على النفس، أو حفاظاً على المذهب الذي يعتنقه، فلم يتمكن أهل البيت وأشياعهم من نشره، والدول إنما قامت على محاربته ومحاولة محوه وطمس آثاره.
  والسبب في ذلك: أن مذهب الزيدية يشكل خطورة كبيرة على سلاطين الجور، وملوك الظلم والضلال، فالزيدية توجب الخروج على الظلمة، و تقول بحصر الإمامة في أولاد البطنين، مع ميل أكثر الناس إليهم، والقلوب معهم، فهذا هو الذي أخاف الظالمين منهم، ودعاهم إلى محاربتهم بشتى الوسائل، مع ما كانوا يتمتعون به من دين رصين، وورع متين، وعلم غزير، وشجاعة وفضل، وصفات تؤهلهم لأمور لا يستحقها غيرهم، ولا يحق أن تكون إلا لهم، ولكونهم ممن لا تغرهم الدنيا، ولا يبيعون آخرتهم بدنيا غيرهم، فلم يخدعهم ما كان يبذله لهم أعداؤهم من الأموال الطائلة، والمناصب السامية، على أن يتركوا ما هم فيه، وهم يرفضون ذلك أشد الرفض، ويأبونه أشد الإباء.
  أما بقية المذاهب: فكانت لا تشكل أي خطورة عليهم، بل كان أكثرها يخدمهم، ويوطد لهم أركان ملكهم، ويثبت قواعد سلطانهم، مع ما كانوا يغرونهم به من المال والمناصب التي تجعل قادة وأتباع بعض المذاهب غير الزيدية دعاة ومجمعين ومحرضين للناس على السكوت والرضا بذلك الحكم، وذلك السلطان، وإن أخذ أموالهم، وجلد ظهورهم، وفعل بهم ما فعل.
  وأيضاً فإن أولئك السلاطين والملوك استطاعوا أن يؤسسوا مذاهب افتعلها لهم علماء السوء، وأسسوا قواعدها على أساس تثبيت قواعد ملك الجبابرة، ومخالفة لمذهب أهل البيت $.