الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

المسلك الأول: في استمدادها

صفحة 17 - الجزء 1

  فنحن لم نعلم أنَّ الدين الإسلامي هو الدين الحق، والمنهج الصحيح، ولم نعلم أيضاً بوجود الله تعالى ووحدانيته، وعدم مشابهته لخليقته، ولم نعلم عدله وحكمته، وصحة نبوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلاَّ بالعقل، وبالنظر والتفكر في الأدلة والبراهين، التي أوصلتنا إلى القطع واليقين في هذه الأمور بقناعة تامة.

  ولقد مدح الله تعالى أصحاب العقول والبصائر، الذين يستعملون عقولهم في النظر والتفكر، في آيات كثيرةٍ من القرآن الكريم، فوصفهم بأنهم المتذكرون، فقال تعالى {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ٢٦٩}⁣[البقرة]، وقال تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ١٠٥}⁣[يوسف]، وأنهم العالمون فقال تعالى {لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥٢}⁣[النمل]، في آيات كثيرة، وأنهم المتفكرون فقال سبحانه {نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ٢٤}⁣[يونس]، ووجَّه إليهم الخطابات الكثيرة، حتى كأنهم المخاطبون فقط دون غيرهم، فتأمل أيُّها الناظر حقَّ النَّظر وحقَّ التأمل كيف شنَّع الله تعالى في هذه الآية على من لَمْ يتأملْ ويَنظرْ في آياته ø، وأعرض عن النظر فيها، وانظر إلى قوله تعالى {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ٤٣}⁣[العنكبوت]، وقوله ø {لِأُولِي الْأَلْبَابِ ٢١}⁣[الزمر]، وقوله تعالى {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤}⁣[البقرة]، وقوله تعالى {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ٤٥}⁣[ص]، وقوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٢}⁣[يوسف] فانظر كيف ملأ الله تعالى كتابه العزيز بوجوب استخدام العقل وأهميته، وكذلك النظر والتأمل، وذلك لأهمية العقل، هذا العنصر الكبير في حياة الإنسان، سواء الدينية أو الدنيوية.