المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية
  إذا جلس على الكرسي سمع له أطيط، وأنَّه يثقل بالعرش، وأنَّه عندما استوى على العرش وضع رِجْلاً على رِجْلٍ، وأنَّها جلسة الرب، وأنَّه جالسٌ وقاعد ومستقر على العرش، وأنَّه يَنْزِلُ عنه إلى الكرسي، ومن ثَمَّ إلى السماء الدنيا، ومع ذلك لا يخلو العرش منه، وغير ذلك كثير من أقوالهم الخرافية، وبعد ذلك يقولون: نؤمن بها على ظاهرها بلا تأويل ولا تكيف ولا تمثيل ولا سؤال، فهذا هو التنْزيه لله ø عندهم، فإذا لم يكن هذا تشبيه فما هو التشبيه يا ترى؟ {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦}[الحج].
  ويقولون من نفى ذلك عن الله تعالى فهو كافر، ويقولون بأنه المشبه، لأنه يسمي الله قادراً وعالماً وحياً وغيرها، ويسمي المخلوق كذلك، ولم يستعملوا عقولهم، ويلتفتوا إلى الدليل الصحيح الواضح في ذلك، ولم يفرقوا بين الصفة والعضو.
  ومما يدلك على فرط جهلهم، وقلة تمييزهم: أنهم يسمون هذه صفاتاً بلا دليل من عقل، ولا من نقل، لا من كتاب ولا من سنة ولا من إجماع، بل رجماً بغيب، ومحاولة لإزاحة اليقين بالشك والريب.
  واعلم أيها المطلع وفقنا الله وإياك: أن التشبيه خطره عظيم، وضرره على عقيدة المسلم جسيم، فالمشبه لله بخلقه والمضيف إليه شيئاً من أعضاء عبيده، لا يأمن أن يخرج من زمرة الموحدين، ويدخل في زمرة المشركين، وأن ينتقل من عبادة رب العبيد، إلى عبادة العبيد، لأنه أصبح يعبد غير الله، أصبح يعبد جسماً له وجه وفم وعينان ويمينان وذراعين وغيرها.
  إذا عرفت ذلك: