الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الفصل الأول: (التوحيد)

صفحة 38 - الجزء 1

  والحجاب الكثيف: كالجدار والجبل، وما يجري مجرى ذلك مما يحول بيننا وبين المرئي، والمراد الكثيف غير الرقيق كالزجاج ونحوه فلا يمنع من الرؤية.

  وكون المرئي في خلاف جهة الرائي: وذلك نحو أن يكون المرئيُّ خلفَ الرائي.

  وكون محله في بعض هذه الأوصاف: هذا مانع من رؤية الأعراض التابعة لمحالِّها كاللون فهو تابع لِمَحَلِّهِ، وهذا مانع من رؤية الأعراض التابعة، والموانع المتقدمة مانعة من رؤية الْمُتَحِيِّزَات.

  ومثال عدم الضياء: أن يفتح الإنسان جفنه في موضع مظلم؛ فإنه لا يَرى لَمَّا لَم يكن هناك ضوءٌ تستطيع العين معه الرؤية، وهذا مانع في المتحيزات والأعراض التابعة.

  فقد عرفتَ أنَّ هذه الموانع لا تمنع إلاَّ من رؤية الأجسام والأعراض، والله تعالى ليس بجسم ولا عرض كما بينا فيما سلف، وأقمنا عليه الدليل.

  ولا يصح ادِّعاء أنَّ هناك مانعاً آخر سوى هذه الموانع؛ إذ لو جوَّزنا ذلك لجوَّزنا أن يكون بين أيدينا أجسامٌ عظيمةٌ ولا نراها لذلك المانع، وتجويز مثل ذلك يرفع الثقة بالمشاهدات الضرورية، ويُجَوِّزُ أيضاً إثبات خلاف ما نعلمه ضرورة، كأن يُجَوِّز أحدنا أنه على في لُجْةِ بَحْر، أو على جناح نسر، ونحن لا نرى الجناح ولا النسر ولا البحر لذلك المانع الذي جوزناه.

  والدليل على أن هذه الثلاثة هي شروط الرؤية للمرئي: أنها متى اجتمعت رأينا ما تصح رؤيته، ومتى عدمت أو بعضها لَم نره، وليس هناك أمرٌ آخر غيرها؛ إذ لو كان هناك أمر غيرها لصح اجتماع الثلاثة ولا نرى الواحد منا؛ إذا لم يحصل ذلك الأمر، أو