الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية

صفحة 42 - الجزء 1

  فلما كان نفي الولد والصاحبة مدح في حق الله تعالى، فإن إثباتهما يكون نقصاً، فكذلك لما كان نفي الرؤية مدحاً كان إثباتها نقصاً في حقه تعالى.

  رابعاً: أن ذلك التمدح راجع إلى ذاته تعالى، والمراد بذلك: أن هذا التمدح يرجع إلى نفي وصف يتعلق بذاته من حيث أنه لا يُرَى فصار كالوصف بأنه لا يُمَثَّلُ، ولا يُكَيَّفُ، ولا يُطْعَمُ، ولا تأخذُهُ سنةٌ ولا نومٌ، وليس من باب التمدح بأمر راجع إلى فعله ككونه تعالى لا يظلم ولا يُظهر على غيبه أحداً، ولا يُحبُ الجهر بالسوء من القول، والفرق بينهما: أنَّ ما كان مرجع التمدح به إلى الذات؛ فإنه لا يصح نقيضه بأي حال كان، وما كان مرجع التمدح به إلى الفعل؛ فإنه قد يصح نقيضه أو ضده، ولذلك صح الاستثناء بقوله تعالى: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}⁣[الجن: ٢٧]، {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ}⁣[النمل: ١١]، بخلاف الوصف بأنه لا يمثل ونحوه مما يعود إلى الذات، فلا يصح فيه استثناء ولا غيره مما يرفع ذلك الوصف نفياً كان كما في الآية، أو إثباتاً كوصفه بأنه قادر وعالم وحي، وهذا واضح لمن تأمله.

  خامساً: أن كل صفة تمدح الله تعالى بنفيها عنه ø فإثباتها له تعالى إثبات للنقص في حقه تعالى، لأنه لا يخلو: إما أن يكون كمالاً أو يكون نقصاً، أولا نقصاً ولا كمالاً، ولا يجوز أن يكون لا كمالاً ولا نقصاً، لأنه يكون عبثاً لا فائدة فيه، ومثله لا يَرِدُ في خطاب الحكيم تعالى، ولا يجوز أن يكون كمالاً، لأن الحكيم لا يتمدح بنفي الكمال عن نفسه، فلم يبق إلا أن يكون نقصاً، وإنما قلنا بأن النقص لا يجوز عليه تعالى في الدنيا ولا في الآخرة، لأن ذلك مما أجمع عليه المسلمون، ودان به المؤمنون، والحق ما أجمعت عليه الأمة، فثبت أنه تعالى لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة.