الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية

صفحة 43 - الجزء 1

  سادساً: التناسب بين أول الآية وآخرها، فإن اللطفَ يُناسب ما لا يُدْرَكُ بالبصر، والْخِبْرَةَ تُناسِبُ مَنْ يُدْرِكُ شيئاً، فإنَّ مَنْ يُدْرِكُ شيئاً يكون خبيراً به، فإن قوله {اللَّطِيفُ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، كالتعليل لقوله {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، وقوله {الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام]، كالتعليل لقوله {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}⁣[الأنعام: ١٠٣].

  الآية الثانية: قوله تعالى {لَنْ تَرَانِي}:

  قوله تعالى {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ١٤٣}⁣[الأعراف].

  ووجه الإستدلال بهذه الآية على نفي الرؤية من وجوه:

  أولاً: أن قوم موسى # سألوا موسى أن يريهم الله جهرة كما قال الله تعالى حاكياً عنهم {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ٥٥}⁣[البقرة]، وحيث قال تعالى حاكياً عنهم {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ١٥٣}⁣[النساء]، فأعلمهم موسى وأخبرهم بأن ذلك لا يجوز على الله تعالى، لأن موسى كان من أشد الناس معرفة بالله، فلم يقنعهم ذلك من موسى لأنهم كانوا قوم