الروضة الندية في حقيقة الزيدية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية

صفحة 44 - الجزء 1

  خصام وجدال، فأراد موسى # أن يقطع شغبهم، ويزيل تعنتهم، في تعليقهم إيمانهم بالرؤية، فسأل الله تعالى لهم الرؤية، فقال {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}⁣[الأعراف: ١٤٣]، وإنما أضاف الطلب والسؤال إلى نفسه، ليعلموا أنه إذا منعه الله من ذلك - وهو يعلم بالمنع لا شك فيه - مع قربه منه، واصطفائه له، فهم أولى بذلك وأبعد من الإجابة، لعلها أن تنقطع شبههم، ويرجعوا إلى ربهم، ويتركوا تعنتهم، وأسئلتهم التي لا يجوز لهم أن يسألوا بأشباهها، فلما منعوا منها وأخذتهم الصاعقة علموا صدق موسى.

  ثانياً: أن الله تعالى نفى الرؤية بلن في قوله تعالى {لَنْ تَرَانِي}⁣[الأعراف: ١٤٣]، ولن موضوعة في لغة العرب لاستغراق النفي، وهو يقتضي التأكيد والتأبيد بحسب الجملة التي هو واقع فيها، فالنفي بلن موضوع في لغة العرب للنفي المؤبد، كقوله تعالى {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا}⁣[الحج: ٧٣]، وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ١٠}⁣[آل عمران]، وقوله تعالى {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}⁣[آل عمران: ١٧٦]، وقوله ø {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٦}⁣[المنافقون]، وكقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ٣٤}⁣[محمد]، وغيرها من الآيات الدالة على إفادة لن للنفي المؤبد، ما لم يقيد النفي بسبب أو شرط أو غاية أو زمان أو مكان فيكون مقيداً كقوله تعالى {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ٢٦}⁣[مريم]، فهذا نفي مقيد بالزمان، وكقوله تعالى {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ