المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية
  وقالت المجبرة وغيرهم: بل فعل العبد هو فعل الله - تعالى الله عن ذلك - خلقه في العبد، ولا فعل للعبد البتة، وبعضهم وهم الأشعرية: قالوا: إن فعل العبد خلق لله كسب للعبد.
  والجواب عليهم: أن نقول لهم: لقد دل الدليل الصريح الصحيح على خلاف قولكم، وهو أن أفعال العباد منهم وليست من الله كما يلي:
  ١ - أنها لو كانت فعل الله تعالى لما توقفت على اختيارهم وقصودهم ودواعيهم، بل كانت تحصل وهم كارهون، ونحن نعلم من أنفسنا أننا نفعل الحسن والقبيح والطاعة والمعصية باختيار كامل منا.
  ٢ - أن العبد يمدح ويذم ويثاب ويعاقب بحسب فعله، فلو كان الفعل من الله لما جاز مدح العبد ولا ذمه ولا إثابته ولا عقابه، كالطول والقصر والحسن والشواهة لما كانت من فعل الله تعالى في العبد لم يمدح ولم يذم على شيء منها، ولا يستحق الثواب والعقاب على شيء منها.
  ٣ - أن الله تعالى أضاف أفعال العباد إليهم في القرآن، ولم يضف إلى نفسه شيئاً من ذلك، فقال تعالى {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}[العنكبوت: ١٧]، وقال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ١٣٥}[آل عمران]، وقال تعالى {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي}[المائدة: ١١٠]، وقال تعالى {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}[آل عمران: ٣٠]، وقال