المسلك الثاني: في بيان عقائد الزيدية
  أولاً: أن هذا القرآن مرتب في الوجود، فبعضه يتقدم على بعض، فالألف من الحمد متقدمة على اللام، واللام على الحا، وكذلك سائرها، وكل ما تقدمه غيره، فهو محدث، وكذلك ما يتقدم على المحدث بأوقاتٍ محصورة، فهو محدث.
  ثانياً: أنه قد ثبت أنه معجز، والمعجز لا بد أن يكون محدثاً من حيث أن المعجز هو الفعل الخارق للعادة المتعلق بدعوى المدعي للنبوة.
  ثالثاً: قد ثبت أن القرآن من أعظم نعم الله على خلقه وأجلها، وبه يتميز الحلال من الحرام، وإليه يُرجَعُ في كثير من الأحكام، ولهذا قال تعالى في معرض المنّ {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ٨٧}[الحجر]، وقال تعالى لموسى {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ١٤٤}[الأعراف]، ولا يعقل كونه نعمة ومِنَّةً إلا إذا كان محدثاً.
  رابعاً: أن الحروف والأصوات من قبيل الأعراض، وجميع الأعراض مُحدَثَة، ومحتاجة إلى مُحدِث.
  خامساً: أن الله تعالى وصف القرآن بأنه محدث، ووصفه بأوصاف لا تكون إلا في المحدثات، كما قال تعالى {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ٢}[الأنبياء]، وقال تعالى {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ٥}[الشعراء]، وقال تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}[الزمر: ٢٣]، وهذه الآية تدل على حدوث القرآن من وجوه:
  أحدها: أنه وصفه الله بأنه منزل والقديم لا يجوز عليه النزول.