باب فى الجمع بين الأضعف والأقوى فى عقد واحد
  وتقول: أنتم كلّكم بينكم درهم. فظاهر هذا أن يكون (كلكم) توكيدا ل (أنتم) والجملة بعده خبر (عنه. ويجوز أن يكون كلكم مبتدأ ثانيا، والجملة بعده خبر) عن (كلكم). وكان أجود من ذلك أن يقال: بينه درهم؛ لأن لفظ كلّ مفرد؛ ليكون كقولك أنتم غلامكم له مال. ويجوز أيضا: أنتم كلكم بينهم درهم، فيكون عود الضمير بلفظ الغائب حملا على اللفظ، وجمعه حملا على المعنى.
  كل ذلك (مساغ عندهم) ومجاز بينهم.
  وقال ابن قيس:
  لئن فتنتنى لهى بالأمس أفتنت ... سعيدا فأضحى قد قلى كلّ مسلم(١)
  وفتن أقوى من أفتن؛ حتى إن الأصمعىّ لمّا أنشد هذا البيت شاهدا لأفتن قال: ذلك مخنّث، ولست آخذ بلغته. وقد جاء به رؤبة إلا أنه لم يضممه إلى غيره؛ قال:
  * يعرضن إعراضا لدين المفتن(٢) *
  ولسنا ندفع أن فى الكلام كثيرا من الضعف فاشيا، وسمتا منه مسلوكا متطرّقا.
  وإنما غرضنا هذا أن نرى إجازة العرب جمعها بين قوّى الكلام وضعيفه فى عقد واحد، وأن لذلك وجها من النظر صحيحا. وسنذكره.
  وأما قوله:
  أمّا ابن طوق فقد أوفى بذمّته ... كما وفى بقلاص النّجم حاديها(٣)
  فلغتان قويّتان.
(١) البيت من الطويل، وهو لأعشى همدان فى لسان العرب (فتن)، والمخصّص ٤/ ٦٢، وتاج العروس (فتن)، وبلا نسبة فى لسان العرب (فتن)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢٨٩، وجمهرة اللغة ص ٤٠٦، ومقاييس اللغة ٤/ ٤٧٣، وديوان الأدب ٢/ ٣٣٤، وكتاب العين ٨/ ١٢٨. وهو يريد سعيد بن جبير.
(٢) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص ١٦١، والكتاب ٤/ ٧٥، ولسان العرب (فتن)، وجمهرة اللغة ص ٤٠٦، ١٢٥٩، والمخصص ٤/ ٦٢، وتاج العروس (فتن).
(٣) البيت من البسيط، وهو لطفيل الغنوى فى ديوانه ص ١١٣، ولسان العرب (قلص)، (وفى)، وتاج العروس (قلص)، (وفى).