الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى جمع الأشباه من حيث يغمض الاشتباه

صفحة 517 - الجزء 2

  الأخيرة، وبقيت الياء الأولى على سكونها، وجعل بقاؤها ساكنة على الحال التى كانت عليها قبل حذف الأخرى من بعدها، دليلا على إرادة هذا المعنى فيها، وأنها ليست مبنيّة على التخفيف فى أوّل أمرها؛ إذ لو كانت كذلك لوجب تحريكها بالفتح، فيقال: لا أكلمك حيرى دهر؛ كقولك: مدّة الدهر (وأبد الأبد ويد المسند) و:

  * بقاء الوحى فى الصّيمّ الصلاب*

  ونحو ذلك. وهذا يدلّ على أن المحذوف من الياءين فى قوله:

  بكّى بعينك واكف القطر ... ابن الحوارى العالى الذكر⁣(⁣١)

  إنما هو الياء الثانية فى الحوارىّ؛ كما أن المحذوف من حيرى دهر، إنما هو الثانية فى حيرىّ. فاعرفه.

  ومثله إنشاد أبى الحسن:

  * ارهن بنيك عنهم أرهن بنى*

  يريد بنىّ، فحذف الياء الثانية للقافية، ولم يعد النون التى كان حذفها للإضافة، فيقول: بنين؛ لأنه نوى الياء الثانية، فجعل ذلك دليلا على إرادتها ونيّته إياها.

  فهذا شرح من خاصّي السؤال، لم تكدّ تجرى به عادة فى الاستعمال. وقد كان أبو علىّ | وإن لم يكن تطرّقه - يعتاد من الإلقاء نحوا منه، فيتلو الآية، وينشد البيت، ثم يقول: ما فى هذا مما يسأل عنه؟ من غير أن (يبرز) (نفس حال) المسئول عنه؛ ولا يسمح بذكره من جهته، ويكله إلى استنباط المسئول عنه، حتى إذا وقع له غرض أبى علىّ فيه، أخذ فى الجواب عليه.

  * * *


(١) البيت من الكامل، وهو لعبيد الله بن قيس الرّقيّات فى ملحق ديوانه ص ١٨٣، ونوادر أبى زيد ص ٢٠٥، وبلا نسبة فى سرّ صناعة الإعراب ٢/ ٦٧٢، ولسان العرب (حور)، (أيا)، (دوا)، والمحتسب ١/ ١٦٣، ٣٢٣. الحوارىّ: هو الزبير بن العوام حوارىّ رسول الله ÷.