باب فى المستحيل
  وقال الآخر:
  إذ الناس ناس والبلاد بغرّة ... وإذ أمّ عمّار صديق مساعف(١)
  (وقال آخر):
  بلاد بها كنّا وكنا نحلّها ... إذ الناس ناس والبلاد بلاد(٢)
  وقال الآخر:
  هذا رجائى وهذى مصر عامرة ... وأنت أنت وقد ناديت من كثب
  وأنشد أبو زيد:
  رفونى وقالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم(٣)
  وأمثاله كثيرة.
  قيل: هذا كله وغيره مما هو جار مجراه، محمول عندنا على معناه دون لفظه؛ ألا ترى أن المعنى: وشعرى متناه فى الجودة، على ما تعرفه وكما بلغك، وقوله: إذ الناس ناس أى: إذ الناس أحرار، والبلاد أحرار، وأنت أنت أى: وأنت المعروف بالكرم، وهم هم أى: هم الذين أعرفهم بالشر والنكر لم يستحيلوا ولم يتغيّروا.
  فلو لا هذه الأغراض وأنها مرادة معتزمة، لم يجز شيء من ذلك؛ لتعرّى الجزء
(١) البيت من الطويل، وهو لأوس بن حجر فى ديوانه ص ٧٤، ولسان العرب (سعف)، وبلا نسبة فى أساس البلاغة (سعف)، وتاج العروس (سعف)، وكتاب العين (١/ ٣٤٠)، وتهذيب اللغة ٢/ ١١١. ويروى: والزمان بدلا من والبلاد.
(٢) البيت من الطويل، وهو لرجل من عاد فى الأغانى ٢١/ ١٠٥، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٩٤٧، ولسان العرب (أنس)، ومغنى اللبيب ٢/ ٦٥٧. ويروى: نحبها بدلا من نحلّها. ويروى أيضا: «والزمان زمان» بدلا من «والبلاد بلاد».
(٣) البيت من الطويل، وهو لأبى خراش الهذلى فى خزانة الأدب ١/ ٤٤٠، ٤٤٢، ٥/ ٨٦، وشرح أشعار الهذليين ٣/ ٣٣٧، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٨٣، ولسان العرب (رفأ)، (روع)، (رفا)، (ها)، ولمعانى الكبير ص ٩٠٢، وللهذلى دون تحديد فى إصلاح المنطق ص ١٥٣، وأمالى المرتضى ١/ ٣٥٠، وتذكرة النحاة ص ٥٧١، وبلا نسبة فى الاشتقاق ص ٤٨٨، وجمهرة اللغة ص ٧٨٨.