الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى المستحيل

صفحة 524 - الجزء 2

  غير مضافة، فلمّا لم تضف إلى جماعة عوّض من ذلك ذكر الجماعة فى الخبر. ألا ترى أنه لو قال: وكل له قانت لم يكن فيه لفظ الجمع البتّة، ولما قال: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً}⁣[مريم: ٩٥] فجاء بلفظ الجماعة مضافا إليها، استغنى به عن ذكر الجماعة فى الخبر.

  وتقول - على اللفظ -: كل نسائك قائم، ويجوز: قائمة إفرادا على اللفظ أيضا، وقاتمات على المعنى البتّة؛ قال الله سبحانه -: {يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ}⁣[الأحزاب: ٣٢] ولم يقل: كواحدة؛ لأن الموضع موضع عموم، فغلب فيه التذكير؛ وإن كان معناه: ليست كلّ واحدة منكن كواحدة من النساء؛ لما ذكرناه من دخول الكلام (معنى العموم). فاعرف ذلك.

  وصواب المسألة أن تقول: زيد أفضل بنى أبيه، وأكرم نجل أبيه (وعترة أبيه)، ونحو ذلك، وأن تقول: زيد أفضل من إخوته؛ لأن بدخول (من) ارتفعت الإضافة، فجازت المسألة.

  ومن المحال قولك: أحقّ الناس بمال أبيه ابنه. وذلك أنك إذا ذكرت الأبوّة فقد انطوت على البنوّة، فكأنك إذا إنما قلت: أحقّ الناس بمال أبيه أحقّ الناس بمال أبيه. فجرى ذلك مجرى قولك: زيد زيد، والقائم القائم، ونحو ذلك مما ليس فى الجزء الثانى منه إلا ما فى الجزء الأوّل البتّة، وليس على ذلك عقد الإخبار؛ لأنه (يجب أن يستفاد من الجزء الثانى) ما ليس مستفادا من الجزء الأوّل. ولذلك لم يجيزوا: ناكح الجارية واطئها، ولا ربّ الجارية مالكها؛ لأن الجزء الأوّل مستوف لما انطوى عليه الثانى.

  فإن قلت: فقد قال أبو النجم:

  * أنا أبو النجم وشعرى شعرى⁣(⁣١) *


(١) الرجز لأبى لنجم فى أمالى المرتضى ١/ ٣٥٠، وخزانة الأدب ١/ ٤٣٩، والدرر ١/ ١٨٥، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٦١٠، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٩٤٧، وشرح المفصل ١/ ٩٨، ٩/ ٨٣، والمنصف ١/ ١٠، وهمع الهوامع ١/ ٦٠، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٨/ ٣٠٧، ٩/ ٤١٢، والدرر ٥/ ٧٩، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٠٣، ٢٩٠، ومغنى اللبيب ١/ ٣٢٩، ٢/ ٤٣٥، ٤٣٧، وهمع الهوامع ٢/ ٥٩.